الجمعة، 6 مايو 2011

التحرّش الجنسي " ... تشريعات مفقودة وثقافة تكمّم أفواه النساء .. تعقيب الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي




" التحرّش الجنسي  " ... تشريعات مفقودة وثقافة تكمّم أفواه النساء ..  

(  منقول وعليه تعقيب فتفضل )
*************************
تعقيبنا الموجز على  الرسالة والتحقيق المنشور...
الشيخ والمفكر الاسلامي
 محمد حسني البيومي الهاشمي
نشرناه على : موقع حنان ونور

التحقيق في حد ذاته أمرا فيه النور والفائدة .. ولكن عمق التحقق في قراءة الأسباب الحادثة وراء هذه الممارسات المهينة في واقع الأمة .. وهي الأشد في اكتشاف الحقيقة وعمق الأزمة ... وهذا الظلام والإظلام المجتمعي لغايات المرأة المسلمة وسعادتها وهي جوهرة ثقافة بناء الأمة ..  يجعل من الولوج إلى الحقيقة وتحديد المسببات وراء الكوارث المجتمعية إنما يقرأ في سطور وكلمات النور القرآني الجليل في آيات الحجاب الى آيات المعذرون ( التبريريون المنهزمون )  !! الى آيات الأعراب الأشد كفرا ونفاقا .. ( ورثاء ثقافة الاستبداد الأموي ) لنجد ان  هذا الواقع إنما ينبع من فكر مأزوم وشخصيات في مركب اعتقادي متهاوي .. وان كان للشرف سمو القضية  فالشرف محتاج إلى قدسية .. واهم هذه المقدسات في وجهتي أن المرأة في واقع الأمة وفكر الأمة المتداول بين فكي كماشة  التجهيل وفكر الأعراب الأشد كفرا ونفاقا .. وهم جماعات المكذبين للرسالات السماوية .. هو الذي جعل التجهيل أمرا مهما في حياة بلاط الملوك .. والذين يخشون في المعاقبة والقوانين أن تكون ذراعا تصل إلى قامة المفسدين من حكام الجريمة .. ناهيك بهذا التجهيل هو الأزمة الفكرية في المركبات الأسرية والتي تضغط بجاهليتها المجتمعية نحو تكميم المرأة واعتبار ثورتها فجور بغطاء ملعون !! يقوم في زيفه الى خدعة : ( صوت المرأة عورة ) .. ومن تنقلاتي في الدول العربية وخاصة المناطق المنغلقة كالمجتمع الليبي والمجتمع الخليجي .. والواقع السعودي المأزوم .. والمكنوف بمشايخ وفقهاء جهلة إن لم يكونوا سفلة .. !! من بطانة الحكام والذين لا يتوقفون التحدث عن النساء والمتاع بغطاء إباحة التعدد في الزواج وملك اليمين الرائج اليوم .. !!  وفي واقع مذهبي جاهلي آخر تكون فيه قضية نكاح المتعة مجالا للفجور الجنسي ودكاكين للدعارة المستترة  التي تورث اليوم ملايين بآباء غير شرعيين بغطاء ديني فهؤلاء الشباب لا يتحملون هذه المصائب لوحدهم في عبثية الانحلال وتيه الغرائز ... ولكن فكر الخيانة المذهبي الابليسي الملعون هو الذي يزرع اليوم فكر التيه ليرتع الغربيون الماشيحانيون في بلاد المسلمين ويجعل الطغاة من أراضيهم مخازنا للسلاح النووي ومقرات لدفن بقايا الأسلحة الذرية ..  يترك وعاظ الملوك الفقه الثوري الديني الذي يتنز الله تعالى فيه النهضة للمؤمن في مواجهة التبعية .. الا تجهيل المرأة لتكون ساحة للتفريغ الجنسي وغرضا وعرضا دنيويا لا غير ؟؟؟
وفي حالة التسيب القضائي والقانوني نجد أمثال هؤلاء الذئاب ففي الواق المتخلف الذي يطوق المرأة ولا يستمع لأحاسيسها وغرائزها ليبحث فقط بديلا عن إنهاضها الى سترها بزوج مشوه !! مما يقضي عليها وفكرها !! وكأن المرأة خطر على المجتمع وهي اصل الشرور ؟؟
ولكن الداء العضال  هنا ليس الصمت على التحرش ولكن ثقافة المرأة في المجتمع الأعرابي المتخلف ...!!!
 ولا أقول المجتمع العربي المقدس فشتان بين المصطلحين والواقعين .. فالاكراه  للمرأة والنظر لها بالدونية يجعل من الحرام مباحا إذا سنحت له الفرصة .. وجدت أن مستوى التخلف هو الذي يؤدي إلى الجريمة وان الحياة شبه الاختلاطية الشاملة تقف خلف تيسير الموانع .. ولهذا يخفي المجتمع وساسته والموجهين له وضع النقاط على الحروف في التأسيس لثقافة الجريمة في المنظومة الأعرابية .. وهي التي جعلت بمنظوماتها التجزيئية شوارعها في حالة انغلاق عن الفكر وثقافة الحرية لا ثقافة الاباحية .. وهنا برزت ثقافة الاباحية من خلال قائمة المحرمات المتخلفة في منظومات والتي تحرم في واقع مليوني في ظلال منظومة آل سعود والعديد من حكام الخليج  والتي لا تري في الأحكام الالهية سوى قائمة من المحرمات ؟؟ وان المرأة تكاد تكون متهمة ؟؟ حتى حمل رخصة سياقه للسيارة .. !!  تمنع ويحرم عليها ذلك خشية الفتنة ..وعندما يضع العديد من هؤلاء عند زوجته هندوسي !! ويذهب هو إلى الأماكن الهابطة وملاحقة الناس بلا بحث في حالة إشباع غريزي يجد الهندوسي قد فعل مع زوجته كل المنكرات من خلال واقع متخلف في التحليل المجتمعي والقائم على حرمة الحر على الدخول ولكن النظر إلى الهنود  والأجانب في الواقع الخليجي مثلا على انهم عبيد !! وليس فيه إشكال للعبد أن تنكشف زوجته عليها ...
وللغريزة ثورة وهيجان في زمان الرويبضة وعيون عميت فيها القلوب والأبصار ..
إننا أمام معضلة ثقافية وهي أن المثقف العربي قد تلقن الثقافة الأعرابية ولم يتلقن الثقافة الإسلامية الثورية القائمة على قوة المنهج وزرع الثقة والعزة في المواطن .. لا زرع الأزمات والتجويع لكي تتاجر المرأة بلقمة العيش لأبنائها المحرومين .. فعندما تكون ثقافة الحرية تكون الثقافة الانسانية ..لأن الحرية هي في النور الالهي تصعيد للثورة .. وفرض القمع والاكراه هو أسوأ أنموذج للقتل الجماعي والله تعالى في علاه : يقول :
{  وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النور33
وهنا الوقفة النورانية في بعث ثقافة الحرية في عدم الربط بين ثقافة التزويج والبغاء الشرعي الانساني .. وبين ثقافة ومنطق الاكراه ..
وهنا السر في فرض الاكراه والذي يستتبعه في الحياة المجتمعية أزمات التعويض .. والاشباع غير المحرم واللاشرعي .. وهو نوع من الاعتراض على الثقافة السائدة ولكن في غياب الوعي والثقافة يجنح الضحية إلى اقرب الفرص للتعويض والهروب من الأزمة .. وفي الآية من قول الحق في علاه تشخيص للبعد الانساني في بناء النهضة { عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } وان الذي يدفع بالمرأة إلى هذا المنحى في التوصيف والعلاقات لهو أشد خطرا من فاعل السوء لأن نشر ثقافة الفاحشة في البيوت والاتصالات في الشبكات العنكبوتية الماسونية أصلا ومنبعا هو الذي يفتح باب الدخول لنمطية الافساد .. وهنا تقع المرأة المسلمة بين ضغطي الثقافة الموروثة المتخلفة وبين سياسات التجهيل التي طغت حتى على القوانين .. والتي أهم سماتها هي القمعية وهي التي لا تجيز الخروج الثوري على الحاكم الظالم فتجعل الشعوب والأمم والخلق قطاعا مستباحا لنمطية الحاكم الفاسد وحاشيته المقموعة والمستفيدة ؟؟؟
 والتى لا يمكن بحال أن تستقيم ... لهذا نقول في هذا التعقيب التوصيفي الموجز للمخرج من الأزمات هو لزومية البحث في فكر ثوري جديد تمتلك فيه المرأة ثقافة الحرية في التفكير والنقد والتعبير وأن عقليات جاهلية مرتدة أصلا ..  ترى في أن الرأي للمرأة محرم والحوار السياسي والفقهي أيضا محرم ؟؟ تحت بند القوامة للرجل فلعمري هنا المحطة في ثقافة التجريم والجريمة ..  حينما يتحول الدين وفتاوى علماء البلاط المقموعين إلى أدوات لتبرير الجريمة .. تكون الطامة واستغلال الدين في استعباد الشعوب مرتين ويكونوا بين سندان الحكومات الظالمة الجائرة وفيما بين مطرقة الفقهاء الجاهلين والمتخلفين بلبوس عمائم الشياطين !!  والأصل أن الحكام المفسدين والمتسلطين على الأمة بدعم الحكام الناهبين في الغرب .. وحين يمنع التعبير في المقالة وفي الرسالة العلنية باسم الرجل فكيف يكون الحال للمرأة والمجتمع بعين الدونية .. وهي إن الرجل لا يعرف المرأة إلا حين الجماع والذي أصبح في ظلال الثقافة الاكراهية عادة غريزية ليس إلا ولا علاقة لها بالعرفان الالهي القائم على وجود المزواجة في نبع التعارف والعرفان الالهي وخطاب المودة .. فالمرأة الثورية الكفاحية والكادحة هي التي تستطيع بثقافتها الاسلامية القائمة على الفكر المحمدي الأصيل : لا المنطلق من عاهات مشايخ البلاط وفقهاء السلاطين وهم عار على الأمم ؟؟؟ والمؤسف انم أصبحوا هم مادة التلقي .. ليكون الإسلام المتصهين الذي يبيح الجرائم كلها والافساد التاريخي كله مستباحا !!!  :
( العلاقة والتطبيع مع إسرائيل الوثنية  ) :
 وتكون الخيانة مستباحة في الثقافة فتكون بعدها مستباحة في العقل وفي البيوت والثقافات الدخيلة على نمطية نورنا الالهي القويم : لتوضع لنا اليوم بعد هيمنة الافساد الاسرائيلي الوثني :
( لا ثقافة الدجال وعبادة العجل ) التي  ترفع لها  شعارا خارقا وهو أن :
( الخيانة أصبحت وجهة نظر ؟؟؟ ) ..
 ويعطيها صكا غفران  تحت عناوين متعفنة في رائحتها الاكراهية .. ولهذا سجلت في احدي رسائلي الهامة ستنشر بمشيئة الله تعالى فرصة قريبة للقول في عنوان :
 ( ثقافة الحرية في مواجهة ثقافة الكراهية  )
بينت فيها بالتوسع .. ما هي آثار العنف في التأصيل الثقافي ليكون البعد الرباني عبدا للمخلوق والرسول محمد ..
صلى الله على محمد وعلى آله الطاهرين  :
هو الذي ربى أصحابه وأهل بيته عليهم السلام والرضوان على الثورة في مواجهة الاكراه : ليقول الصحابي ربعي ابن عامر رضي الله عنه ليقف صنديا في الفتح لبلاد الفرس  :
 ( إنما ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الاسلام ) ..
 والثورة التوحيدية المنبعثة من مراقبة الخالق في علاه هي التي تجعل من هذا المكنوز هو الوجاء والحماية لسبيل الأمة .. ولهذا فالشروع في البحث في إيجاد مستقبل ثقافي لزمن العالمية الربانية هو الذي يجعل من الثقافة الربانية هي اصل لبناء ويكون فكر الحرية هو الذي دعم العقل لهذا التوحيد الالهي وليست الوصاية الاكراهية للمرأة والطفل بالقوة والارهاب سوى تأسيس لحالة الخنوع للمستعمر ..
قال الله تعالى في علاه :
 {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99  
 وما التحرش الجنسي الحادث في توصيف هذه الرسالة النقدية المفيدة سوى حالات عرضية لأمراض مزمنة في العقلية العربية الإسلامية والتي غزاها من قرون ثقافة المستعبدين الأعرابيين السفلة ..
لها بالحكم الوراثي القائم من أساسه على قتل الشورى وهي أصل فكر الحرية في الدين والثورة التوحيدية تبقى هي النبع في تأصيل فكر الأصالة ..  
والسلام عليكم ورحمة الله ..
*************************
تحقيق / يبدأ بنظرة غير بريئة تليها رسائل خادشة للحياء ثم ادعاءات لتشويه السمعة

ذكرى الرشيدي  :  كتبت بشاير عبد الله

في مجتمع اعتاد «كتم» صوت المرأة، واعتبر بوحها عيبا، وحديثها عن الجنس جريمة لا تغتفر... يصبح فتح ملف التحرش الجنسي مثل السير على الأشواك، و اساءة لمجتمع يفضل تغطية جروحه قبل اندمالها، ليظهر في العلن « اربطة الشاش والقطن الأبيض» ويختفي الجرح بآلامه وأوجاعه.

نعم... نعلم إن هذا الموضوع شائك وحساس، ولكن هذا لا ينفي كونه حقيقياً ومتصاعداً على نحو مقلق، نسمع عنه أو نراه بأعيننا كل يوم في الشارع والعمل والجامعة والمولات، لكن لا احد يريد ان يعترف أو يواجه، حتى باتت معظم الفتيات والنساء عرضة لتحرش شره يبدأ بنظرة غير بريئة تليها دعابات ورسائل هاتفية مكتوبة ومصورة، و«الضحية» تصمت خجلا أو خوفا من «الفضيحة» وحفاظا على السمعة ليضاف اسمها إلى سجل طويل من المتحرش بهن.

قبل عام وجدت نفسي في موضع المستمع لاعترافات إحدى الفتيات والتي كانت تحكي قصتها المؤلمة وامتهان كرامتها داخل الجدران الأربعة لمكان عملها..!


تقول «دلال، 25 عاماً»: «بدأت معاناتي عندما قررت أن أترك عملي الحكومي الروتيني ذي الأفق المحدود وأنتقل إلى عمل أفضل مهنياً وأكثر إثارة للتحديات في القطاع الخاص، وبالفعل وجدت إعلاناً لوظيفة أحلامي وتقدمت لشغلها، وكانت سعادتي لا توصف حين تبلغت خبر قبولي في الوظيفة الجديدة.

ولأن الوظيفة تستلزم خضوعي لفترة عمل تجريبية قبل أن يتم قبولي رسمياً، كنت حريصة على التعامل بحذر مع رئيسي المباشر في العمل، وكنت مضطرة بحكم طبيعة عملي الإدارية إلى الاحتكاك به كثيراً. ومنذ الأيام الأولى بدأت أشعر بغرابة سلوكه معي الذي تدرج من النظرات غير البريئة، إلى الأحاديث والدعابات ذات الطابع الجنسي، وبعدها بدأ يمطرني بالثناء ولكن ليس على عملي ونشاطي وإنما على أحمر شفاهي وتصاميم ملابسي.

وتكمل : « كنت طوال الوقت أتجاهل تصرفاته وأدعي عدم الاهتمام بما يقوم به وذلك خوفاً على وظيفتي وابتعاداً عن المشكلات والقيل والقال». كنت آمل أن يصاب باليأس ويصرف تركيزه عني...!
 إلا أن سلوكي هذا على ما يبدو زاد من سوء الأمر وجعله يراني فريسة سهلة، فوصل إلى الحد الذي لم أطق السكوت بعده... حاول التقرب مني جسدياً، وفي تلك اللحظة تركت المكان في صمت وعجز وهربت من رعب الموقف، ثم دخلت في حالة من القلق والاكتئاب عجزت بسببها عن العودة للعمل، وهو ما أفسح المجال له ليتقول علي بأكاذيب أمام زملائي ورؤسائي في العمل، وبذلك خسرت اثنين: عملي الذي طالما حلمت به وسمعتي التي تضررت من ادعاءات المتحرش ضدي!
تلخص حكاية «دلال» اسلوب التحرش الجنسي في مكان العمل، التي تطرحها « الراي» هنا للنقاش من جوانب عدة.

( نوره، 24عاماً ) تقول: بدأت مأساتي قبل عام عندما تم تعييني في
إحدى الإدارات الحكومية وكنت قد تخرجت للتو في الجامعة، وبدأت بوضع اللبنات الأولى لمشروعي المهني. فقد كنت أحلم بأن أزرع في مهنتي الجد والاجتهاد والإخلاص وأحصد منها النجاح والتفوق والسمعة الطيبة...! ولم أكن أدري أن ثمة أناسا أدنياء نزعت الرحمة من نفوسهم، وطمست النزعات الساقطة قلوبهم فتخلوا عن الأخلاق واستباحوا حرمات الآخرين. ومنهم كان زميل لي يجلس على مكتب مجاور. ما إن وقعت عيناه عليّ في اليوم الأول لوظيفتي حتى شعرت بعدم الارتياح نحوه فلم يكن سلوكه ونظراته نحوي مطمئنة.
وتكمل نورة : على الرغم من تعمدي عدم إطالة الحديث، وعدم التفاعل معه إلا في ما يتعلق بالعمل إلا أنه استمر في مضايقتي، فمرة يتعمد التلفظ بدعابات ذات طابع جنسي أمامي، ومرة يختلس النظر إلي وأنا أقوم بعملي تصاحب نظرته ابتسامة خبيثة، وفي يوم من الأيام وجدته يتصل بي ولم أعلم من أين أتى برقم هاتفي ويطلب تقوية العلاقة بيننا لأنه معجب بي منذ رآني للمرة الأولى...! فانفعلت وقد بدا على صوتي الارتباك والخوف وطلبت منه ألا يتصل بي ثانية، ويبدو أنه استشعر خوفي لذلك أنهى المكالمة بضحكة خبيثة أكدت لي أنه لن يتوقف عن مضايقتي. ولأنني كنت خائفة أن يعلم أحد في العمل أو المنزل بما أتعرض له لما سألقاه من لوم، فضلت السكوت والصمت على أمل أن يصحو ضميره فينتهي عن القيام بهذه السلوكيات من تلقاء نفسه.
تتابع: إلا أن ما حدث هو العكس فقد استمر في مضايقتي، وازدادت سلوكياته وقاحة فبدأ يبعث لي رسائل هاتفية خادشة للحياء، ويغازلني بطريقة واضحة في المكتب. وكنت طوال الوقت صامتة ومنكفئة على ذاتي على أمل أن تنتهي هذه المشكلة.
 ثم جاء اليوم الذي دمرني بحق، إذ استدعتني مديرتي ولفتت نظري إلى أن الحديث يدور في الإدارة عن وجود علاقة بيني وبين زميلي وأنها ستقوم بنقلي حرصاً على العمل. وقتها فقط عرفت فداحة الغلطة التي ارتكبتها بصمتي، فأفرغت أمامها كل ما في صدري من ألم وخوف وقصصت عليها كل ما حدث. لكن المفاجأة أنها رفضت تصديقي وأصرت على نقلي. وما علمته بعدها أن هذه الشائعة وصلت إلى أقسام أخرى في إدارتنا وسمع بها الكثيرون، حتى أنها وصلت إلى مسامع أسرتي ذات الطبيعة المحافظة، ما جعلهم يقررون تركي العمل وبقائي في المنزل وبذلك خسرت أحلامي المهنية، وتضررت سمعتي أمام الموظفين كون المتحرش نشر بينهم روايات بأنني أنا التي تحرشت به. وساعد في تصديق تلك الشائعات كوني لم أتلفظ بحرف طوال تلك المدة.
الحاجة إلى العمل
أما (منى، 36 عاماً ) مطلقة وأم لثلاثة أولاد فتقول:
بعد أن انفصلت عن زوجي الذي كان مدمناً على الكحول ومفصولاً من عمله، كان لابد أن أعثر على وظيفة لأتمكن من إعالة أبنائي وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم. فوالداي متوفيان وليس لي من أحد أو ممتلكات تدعمني مادياً. ونظراً لأن تعليمي فوق المتوسط فلم تكن الخيارات كثيرة أمامي ولم تكن الأمور ميسرة كذلك.
تضيف منى: أخبرتني صديقتي أن هناك شركة تجارية تطلب موظفات ذوات مظهر جيد ولباقة في التعامل، ولا تهتم كثيراً بنوعية ومستوى المؤهل الدراسي. ولأنني أملك المواصفات المطلوبة قررت أن أتقدم لتلك الوظيفة، وعندما ذهبت إلى المقابلة الوظيفية وجدت أن المدير المسؤول عن التعيين يعرض عليّ ميزات وظيفية تحلم بها كثير من الفتيات من ذوات التعليم الأعلى والخبرة الوظيفية، مثل راتب مرتفع جداً خاصة بالنسبة لمؤهلي التعليمي، ومزايا وظيفية أخرى مناسبة لوضعي الأسري كوني أهتم بأولاد الصغار وهم بحاجة لرعاية. لاحظت حينها أن هذا المسؤول يرمقني بنظرات متطفلة، إلا أنه أجاد إدارة حواره معي فلم أخرج بانطباع سلبي مؤكد إنما ساورتني الشكوك فقط.
وتكمل منى: نظرا لحاجتي لهذه الوظيفة بسبب تراكم الديون والأقساط والالتزامات المادية وافقت على المضي في الأمر حين تم الاتصال بي من قبل جهة العمل، وباشرت العمل بعدها. وفي الأيام الأولى كانت الأمور طبيعية لأنني كنت أتلقى التدريب من أشخاص لهم خبرة ولم أكن أحتك بمديري. ولكن ما أن انتهت مدة التدريب حتى بدأت مضايقات المدير لي من تلميحات وأحاديث غير بريئة، كنت أتجاهلها حرصاً على وظيفتي الجيدة ومصدر دخلي الوحيد، إلى أن وصلت المضايقات إلى أقصى حدودها بطلبه الواضح إقامة علاقة معي، وعندما رفضت وطلبت منه أن يتوقف عن إزعاجي أصبح يتعمد مضايقتي بطرق أخرى فنقلني إلى مكتب آخر وبدأ يزيد عليّ الأعباء الوظيفية حتى أنني كنت أنتهي بعد أوقات العمل الرسمية.

للمأساة بقية، حيث تقول منى: جاءني بعد فترة من زيادة الأعباء
والاضطهاد يقدم عرضه من جديد وكان إن رفضته بحزم أكثر هذه المرة، ثم وجدته بعدها يعاقبني بطريقة جديدة وهي أنه بدأ يرفع تقارير شفهية سيئة عني أمام المسؤولين في المؤسسة ما جعلني أفقد كثيرا من مزاياي الوظيفية، وفي النهاية وبعد مدة من محاربتي ومحاولة إيذائي اتخذت القرار بترك العمل نهائياً وعدم العودة.

لا تشريعات  .....

الناشطة السياسية والمرشحة السابقة لانتخابات مجلس الأمة المحامية ذكرى الرشيدي تقول :
« قانونياً ليس هناك تشريع خاص يجرم التحرش داخل بيئة العمل، سواء ما يقع منه من الرجل على المرأة أو العكس». وتضيف : وبالنسبة لي كمهتمة بالشأنين المجتمعي والقانوني معاً أرى أن هذه ثغرة في التشريعات الكويتية، فليس من المعقول أن نبقى دون قانون خاص يجرم التحرش بالموظف أو الموظفة داخل بيئة العمل في وقت تزداد فيه أهمية هذا النوع من التنظيمات التي تضمن توافر أجواء عمل صحية و مستويات أعلى من الإنتاجية في المهنة، وتخفف الضغوط على الموظف، لوجود قوانين كفيلة بحمايته.
وتضيف الرشيدي أن هذه قضية مهمة ينبغي الالتفات إليها وهو واجب يقع على عاتق نواب ونائبات مجلس الأمة، إذ يتوجب عليهم من وجهة نظرها وضع تشريعات تعالج هذا الأمر.
وتتابع حديثها قائلة: إن نسبة كبيرة من قضايا التحرش التي تعرض عليها كمحامية تتم داخل بيئة العمل، وتكون واقعة على نساء في الغالب، والمشكلة الأساسية أن المتعرضات للتحرش يقفن عند نقطة معينة من سير القضية ويطلبن الانسحاب، أو أنهن يقفن عند حد تقديم البلاغ في المخفر و يرفضن إكمال خطوات استعادتهن لحقوقهن، وذلك خوفاً من «كلام الناس» أو الفضيحة.
 وهذا السلوك باعتقادي يعود إلى أفكار خاطئة سائدة في ثقافتنا المجتمعية أصبح لابد من تغييرها، فسكوت المرأة في معظم الأحيان يجعلها عرضة لضياع الحقوق.
وتضيف قائلة : مع الأسف ما زال المجتمع يتعمد كتم صوت المرأة، ويميل إلى تجريدها من حقوقها ومكتسباتها الإنسانية والمدنية.
وتقترح الرشيدي للتغلب على إشكالية الصمت هذه أن يتم استحداث إدارات مختصة بالنظر في شكاوى هذا النوع من التحرش، تتوافر فيها الخصوصية المجتمعية المطلوبة والسرية في استقبال الشكاوى والتعامل معها. كما يمكن أن يتم تخصيص خطوط هاتفية لاستقبال شكاوى المتحرش بهن والتعامل معها بما تتطلبه من حذر وسرية وتحويلها إلى مختصين.
وتلفت الرشيدي النظر كذلك إلى دور مؤسسات القطاع المدني، خاصة ذات الاهتمام بقضايا المرأة والمجتمع. وتختتم حديثها بتأكيد ضرورة أن تتضافر جهود المشرع و جهود الاختصاصيين الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني من أجل حماية حق الموظف في الحصول على معاملة إنسانية لائقة به داخل عمله دون أن يتعرض للمضايقة أو الاستغلال.
القانون والتحرش
يقول المحامي عبد الرحمن البراك :
لا يوجد في التشريع الكويتي قانون خاص بالتحرش الجنسي داخل بيئة العمل، إنما عولج هذا الأمر من خلال قانون الجزاء تحت مسميين، الأول وهو الفعل الفاضح العلني والمخل بالحياء ونظمته المادة (198) من القانون وتنص على الآتي : « من أتى أشارة أو فعلا فاضحا مخلا بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان عام يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين».
ويضيف: ينبغي ملاحظة أن مكان العمل يعتبر مكانا عاما لأنه مفتوح أمام الجميع بدون تمييز.
أما المسمى الثاني الذي قد تندرج هذه القضية تحته فهو: التحريض على الفجور والدعارة، ونظمته المادة (200)
من قانون الجزاء والتي نصت على أن «كل من حرض ذكرا أو أنثى على ارتكاب أفعال الفجور والدعارة أو ساعده على ذلك بأية طريقة كانت يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بأحدى هاتين العقوبتين».
ولدى سؤاله عن مستويات التحرش الجنسي من وجهة نظر القانون والعقوبات المترتبة على كل منها، يوضح البراك أن للتحرش ثلاثة مستويات: الأول وعادة يكون بالكلام والألفاظ ويطلق عليه «التحرش بالقول» وهذا أخف أنواع التحرش وعادة يعاقب عليه بالغرامة.
والمستوى الثاني عادة يكون بالاشارة كأن يصدر من المتحرش بعض الاشارات سواء كانت بالعين أو ملامح الوجه أو اشارات باليد يفهم منها التحرش الجنسي. وهنا تكون العقوبة أشد وقد تصل إلى الحبس بالاضافة إلى الغرامة.
وأما المستوى الثالث فعادة يكون عن طريق اللمس بأن يضع المتحرش يده على جسد الفتاة، وهنا ينتقل الفعل من التحرش الجنسي إلى هتك العرض، و تكون العقوبة أشد بكثير وتصبح جناية لا جنحة، كما هو حال العقوبتين السابقتين، وقد تصل العقوبة فيها إلى السجن لمدة خمس سنوات.

وعند سؤاله عن نسبة قضايا التحرش في بيئة العمل التي تعرض عليه للترافع عنها يقول البراك: تعرض علي هذه القضايا بنسبة قليلة جداً، وذلك يعود من وجهة نظره إلى خوف المرأة من نظرة المجتمع لها، ورغبتها في الحفاظ على سمعتها.


لا إحصائيات


في ظل عدم وجود إحصائيات في الكويت بحسب إطلاعنا- خاصة بالتحرش داخل بيئة العمل، ولعدم وجود دراسات تهتم بتحليل واقع وثقافة المجتمع التي تجبر الضحية وهو في الغالب امرأة - على التزام الصمت ما يفقدها حقوقها الأدبية و المهنية، نطرح السؤال الآتي: ما مدى اهتمام الباحثين والأكاديميين وكذلك المؤسسات البحثية ومراكز الدراسات بشؤون المجتمع و العمل والمرأة؟ 

وفي الواقع فإن قضية التحرش في مكان العمل أخذت تبرز في مقدمة اهتمامات سائر الدول اليوم بعد أن كانت تعالج في الخفاء، فأُنشئت من أجلها المنظمات المناهضة، وعُقدت المؤتمرات، وسنت القوانين.
وتشير إحصائيات المفوضية الأوروبية إلى أنه خلال الأعوام الماضية تعرض نحو 50 في المئة من النساء العاملات إلى تحرشات جنسية.
و حذر ناشطون في محاربة التحرش الجنسي من 17 دولة عربية في ختام مؤتمر عقد في القاهرة أواخر العام 2009 من أن التحرش الجنسي بالمرأة العاملة في أماكن العمل بالعالم العربي، يدفعهن للبقاء «سجينات المنازل». ما يعني إمكانية تعطيل رافد كبير من روافد طاقة العمل والإنتاج.

وقال الناشطون إن عمليات التحرش في العالم العربي في حالة ازدياد بسبب غياب الرد وعدم تقديم الضحايا شكاوى خوفاً من نظرة المجتمع.

انتهت المقالة ..
جريدة الرأي الكويتية 
نشرناه على : موقع حنان ونور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق