الخميس، 20 أكتوبر 2011

مستقبل حركة حماس السياسي بعد صفقة الأسرى...!!! … من صفحات موسوعتنا السجناء في فلسطين المقدسة



دكتور خالد ممدوح العزي  

********************  


مستقبل حركة حماس السياسي بعد صفقة الأسرى...!!!



عدد القراءات = 1277    التاريخ : 19/10/2011   الوقت : 13:35

اسم الكاتب : بقلم  دكتور خالد ممدوح العزي

لاشك فيه بان صفقة الأسرى التي أنجزت بتاريخ 18 أكتوبر تشرين الأول من عام 2011،كانت صفقة كبيرة وعظيمة والتي تحرر من خلالها 1027 أسير وأسيرة، حركة حماس التي قامت بها من خلال عملية تبادل مقابل المعتقل الإسرائيلي جلعد شليط  ، برعاية مصرية .فان عملية التبادل التي تمت بالوقت الذي كان لها ظروفها الخاصة حسب قول وتصريح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل الذي أشار الى أن هذا الوقت هو وقت الصفقة المناسب، والتي استغلته الحركة لإبرام الصفقة ...لقد تمت عملية تبادل الأسرى بظل تغيرات جيو- سياسية فرضتها ثورات الربيع العربي في الدول العربية ،تغير أنظمة وإحلال أنظمة جديدة مكانها،بالوقت التي فشلت فيه العملية في مراحل عديدة مرت من خلالها عملية التفاوض، اضافة الى انخفاض شروط التبادل بسين الطرفين ،لقد رضخت حركة حماس للمطالب والشروط الإسرائيلية 
التي رفضتها سابقا،كإبعاد أسرى إلى خارج الأراضي الفلسطينية وإقامات جبريةلأسرى في القدس والضفة الغربية ،تخفيض العدد الذي كان متفق عليه سابقا من1450 إلى 1027 وعدم الإبعاد والاقامة الجبرية للمحررين،فالابعاد عملية خطيرة في تاريخ التبادل وفي نفي الأسرى الفلسطينيين الى خارج الاراضي الفلسطينية ،كذلك عدم الإفراج عن قيادات فلسطينية كبيرة مثل 'مروان البرغوتي' و'احمد سعدات' وآخرين لحماس، الموافقة على تقسيم مواعيد الصفقة إلى قسمين ، فالسقف الذي طرح اليوم وتمت عليه الموافقة اقل بكثير ممن الطرح الذي كان مقدم في الماضي من قبل الحركة.وهذا سؤال يطرح نفسه اليوم بقوة ،لماذا الموافقة اليوم على اقل بكثير من الماضي ،فالجوب يعود إلى عدة أسباب من أبرزها:
1- الموقف الإسرائيلي :

لقد وافقت إسرائيل على الصفقة التي أبرمتها مع حركة حماس للعديد من الأسباب: - الاقتناع الإسرائيلي التام بضرورة انجاز عملية التبادل لفشل الإمكانية الأمنية والعسكرية بالإفراج عن الأسير الصهيوني،-تقديم نتانياهو على كونه قائد سياسي قوي يستطيع اخذ القرارات المناسبة والمصرية ،التخوف على مصير شليط بعد مرور 5 أعوام على احتجازه وخوفا من نتانياهو من تكرار سيناريو العقيد الطيار رونا راد الذي تم اختطافه في لبنان عام 1986، الحالة الداخلية الإسرائيلية التي تفرض نفسها على مستقبل نتانياهو السياسي في الانتخابات القادمة ،إضافة إلى الربيع الإسرائيلي الذي يرمي بأوزاره على الحكومة الحالية،إضافة إلى حصار دولي دبلوماسي يفرض على إسرائيلي بعد 23 أيلول عند تقديم طلب عضوية من قبل الرئيس محمود عباس سمح لإسرائيل بالالتفاف على عباس من خلال فتح باب على حماس التي تحاول إرسال رسالة لعباس بأنه يوجد البديل له 
.2- الموقف السوري والإيراني :

الحالة الجديدة التي فرضها الربيع العربي هو ضعف النظام السوري الذي كان يعرقل عملية التبادل محاولين هو وإيران استثمارها في صفقات تخدم مواقفهم الخاصة من خلال التأثير على حركة حماس الواقعة ضمن محور الممانعة والمقاومة ،فسورية مهدت لعملية التبادل منذ فترة صغيرة عند اندلاع الحراك السوري فسارعت سورية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967،كرسالة أولى لأمريكا والغرب من اجل تخفيف الضغط على النظام السوري الحالي ،والرسالة الثانية هي عدم إعاقة صفقة التبادل كرسالة جديدة للغرب من اجل تخفيف الضغط المتصاعد على النظام السوري.

 3  ــ  الموقف المصري :

لقد كان التأثير الكبير على تغير الموقف المصري السياسي تأثيرا أجابيا على الدفع بعملية التبادل نحو الإتمام،مصر التي تسعى إلى أعادة لعب دورا مميزا على الصعيد الدولي وخاصة بعد تورط المجلس العسكري بأحداث الماسبيرو الأخيرة والتي أدت إلى حرب شنها الجيش على الأقباط بتاريخ 9 اكتوبر 2011، تحسين العلاقة المصرية –الإسرائيلية وفقا لشروط متساوية وخاصة بعد توثر العلاقات بين البلدين بعد الثورة المصرية ،عودة حركة حماس إلى ربوعها المصرية الاصلية من خلال ارتباطها العضوي بتنظيم حركةالإخوان المسلمين العالمية.4- الموقف الأمريكي: لقد تمت الصفقة بين الطرفين برعاية أمريكية وهذا شيء جديد بالنسبة للموقف الأمريكي الذي كان يعارض سابقا هذه الرعاية كي لا يشجع على عمليات إرهابية، لكن أمريكا حاولت الوصول إلى ثلاثة أشياء:-
سحب حركة حماس من الحضن السوري نهائيا من أتمام الصفقة برعاية مصرية، وطرح حركة حماس في أحضان الدولة المصرية بالوقت التي تعاني من إرباك شديد جدا.-استخدام حركة حماس كورقة ضغط بوجه عباس الذي طرح عضوية فلسطين في مجلس الأمم بظل معارضة أمريكية ،ورغبة حقيقية بفرض عقوبات جدية على السلطة الفلسطينية .-القبول الأمريكي بإفرازات الثورات العربية التي أنتجت صعود حركات الإخوان المسلمين إلى السلطة في هذه الدول التي تغيرت أنظمتها السياسية ،وبالتالي حماس هي بنت حركة الإخوان المسلمين العالمية ،ويمكن التحدث إليها والتعامل معها مستقبلا.5- الموقف الرسمي لحركة حماس :

إن الإسراع بصفقة الأسرى التي أنجزتها حركة حماس هو تراجع بسبب تراجع شعبيتها في الداخل الفلسطيني وأفشلها لعدة مرات وخاصة بعد سطوع نجم الرئيس عباس في ذهابه الى الامم المتحدة في 23 ايلول ،حماس تعاني من حصار فعلي لكونها خرجت من المحور السوري الإيراني،وهي مجبرة على إيجاد مكان بديل لمكتبها السياسي بدل سورية والدول الأخرى،وهذا الوضع يذكرنا بوضع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي عانى معاناة شديدة بعد خروجه من بيروت ،مما اجبره على إيجاد بديل لموقع بيروت الجغرافي ،
فكان الداخل الفلسطيني الذي أعاد للقضية الفلسطينية رونقها المفقود. وهذه الحالة هي التي اجبرت الحركة على الموافقة السريعة على صفقة الأسرى والتغاضي عن مطالب محقة كان المفاوض الحمساوي يفاوض عليها بقوة شديدة.فالحالة السورية هي التي أربكت حركة حماس ،وغيرت توجهاتها ، بسبب إحراجها الفعلي من تصرف النظام السوري الحليف والتي تدفع ثمنه هي كحركة مقاومة وحركة تحرير وطنية ،فالنظام السوري يقتل المدنين السوريين ومنهم أعضاء في الحركات الإسلامية السورية ،والتي حماس هي جزاء من هذه الحركات ،فحماس التي قمعت مظاهرة في غزة التي تسيطر عليها بواسطة الأجهزة الأمنية ...

المظاهرة التي خرجت تندد بقصف مخيم فلسطيني في مدينة اللاذقية السورية،حركة حماس التي تستعد لطرح نفسها لعب سياسي قوي يخوض معركة سياسية قادمة مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ،بدأت تفقد شعبيتها الفعلية وتعاطف الجماهير معها ،بسبب سكوتها عن الأحداث في سورية ،وصب الرصاص الغزير على محمود عباس الطالب لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة دون سبب يذكر ،وكذلك تفشيل الصفقة لعدة أعوام ،وتجميد العمل المسلح التي بنت الحركة جمهورها الفلسطيني والعربي على أساسه. فالتحرر السياسي لحماس من سيطرت الدول الإقليمية يعطيها فرصة اكبر لأعادت طرح نفسها لاعب فلسطيني مستقل في الساحة العربية والدولية.لقد تمت الصفقة محاولة الحركة من خلالها إعادة هيبتها الشعبية وكسب تعاطف وود الشعب الفلسطيني.لكن السؤال الذي يطرح نفسه على كل الخبراء والمحللون السياسيين ماذا بعد الصفقة الذي يضمن لحركة حماس مستقبل سياسي مختلف .

يقول الفيلسوف العربي ابن خلدون في مقدمته :

' بان لبد من تطويل عمر المؤسسات لبد من التغير في تركيبتها "

وهنا يكمن الجواب على مستقبل حركة حماس السياسي ،لان حركة حماس حركة سياسية براغماتية في لباس ديني تقرأ جيدا لما يدور حولها وفي الخارج من تطورات سياسية وإيديولوجية،لكن مشكلتها الأساسية بأنها تقدم نفسها دوما على كونها البديل الحقيقي والفعلي لمنظمة التحرير الفلسطينية بالوقت التي تعتبرها كل فصائل منظمة التحرير بأنها جزاء أساسي من مكونات الشعب الفلسطيني.

فالرد على عملية التبادل يكمن بان حركة حماس تفتح تغره فعلية في جدار المجتمع الدولي الذي يحاول القبول فيها، وخاصة بظل قبولها بحركة التغير في البنية السياسية التحتية والفوقية لدول الثورة.فحماس تعتبر مستقبلها السياسي القادم هو العودة إلى غزة كمقر فعلي لقيادة المكتب السياسي لها ،لن خروجها من سورية حاليا لبد من أجاد مكان فلسطيني وليس عربيا لكي تكون أكثر حرية وأكثر

عملية في تعاملها مع مستقبلها السياسي الذي يكمن في التواجد بين الشعب الفلسطيني وعلى اراضيه.فان تاريخ الحركة السياسي يدل على ذلك من خلال اليوم الأول لمشاركتها في الانتخابات الفلسطينية الداخلية التي لم يتقبلها الغرب لكونه غير جاهز لهذا الحدث ،ولعدم تقبل حماس بشكلها الجديد من دول محور الممانعة التي كانت تستخدم الحركة والقضية لشخصها الخاص ،فان حماس حسمت مستقبلها السياسي القادم من خلال خمس نقاط أرسلت للمجتمع الدولي :-الرسالة الأولى لم يتم تلقفها دوليا الممثلة بالدخول في عملية الانتخابات الديمقراطية،-الرسالة الثانية التي أرسلها السيد خالد مشعل إلى الرئيس الأمريكي السابق جيم كرتر والذي يقول فيها بان حركة حماس توافق على بناء دولة فلسطينية على أراضي 1967،- الرسالة الثالثة التي أرسلتها حماس من خلال مقابلة السيد خالد مشعل في مجلة دير شبيغل الألمانية التي قال فيه:' بأنكم جربتم عباس الذي لا يستطيع غرف الماء من البئر،فعليكم ان تجربون لكي تحكموا علينا'.-الرسالة الرابعة التي أرسلتها حماس للعالم من خلال التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية بين عباس ومشعل في القاهرة بتاريخ مشعل الذي تكلم في خطابة:'لنعطي المفاوضات وقتها الضروري .-الرسالة الخامس هي عملية التبادل بين الحركة والدولة العبرية والتي أرادت حماس من خلالها فتح طاقة في الجدار العالمي ، وسكوته عن المطالب التي كانت حماس مسرة عليها بالوقت التي وعد مشعل بإخراج القادة الفلسطينيين الكبار.طبعا حماس تؤكد دائما على إتمام المصالحة ،والذي أكدها خالد مشعل في خطاب المصالحة وخطاب مؤتمر طهران الأخير وخطاب مشعل في القاهرة عند استقبل المعتقلين.كل هذا جيد ومهم من قبل حماس التي أقلعت عن الخطاب القديم وبدأت ترى الواقع وتماس السياسة الفعلية وتجد فنونها ،فعلى حماس ان تعي اليوم بان حركة التغير تفرضها وعي الجماهير عن طريق صناديق الانتخابات التي تقرر مصير ومستقبل حركة حماس ودورها في المجتمع الفلسطيني ،فانتزاع القرارات والاعترافات السريعة تحد من دور الحركة ،ولبد من الإقلاع عن تقديم نفسها بأنها هي البديل الجاهز بل قوة من قوة الشعب الفلسطيني التي يجب أن ترتكز إليه باستمرار مهما كان الحجم كبير أو صغيرا لان المعركة مع العدو تتطلب كل جهود القوى السياسية مهما كان حجمها وتعاظم دورها ...فالجلوس مع فتح ضروري جدا والشعب يحدد لمن يعطي صوته ويكلفه بإدارة شؤون السياسية القادمة ..

الدكتور خالد ممدوح العزي
صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق