الاثنين، 4 أبريل 2011

الثورات الشعبية لا تمد اليد للقوى الاستعمارية الدكتور إبراهيم علوش – سلسلة الثورة المضادة ووعاظ السلاطين





الثورات الشعبية لا تمد اليد للقوى الاستعمارية
الدكتور إبراهيم علوش
17/3/2011

*************************** 

... ( سلسلة الثورة المضادة ووعاظ السلاطين) ..

قبيل قراءة الرسائل المهمة من فضلك انتظر...
تقديم  الشيخ والمفكر الاسلامي
 محمد حسني البيومي
 الهاشمي  
عبارة الفرج قريب وتنهيدات صالحات العجائز افتقدها في زمان الطغيان وزراعة أشواك الحرب النفسية في زماننا .. والسؤال في تعليقي على الرسالة المحترمة التي آثرنا نشرها في موقعنا هو القول في الرد على سؤال المقالة .. ولكن من زاوية أخرى يجيئ الرد ملائما جدا وصفعة في وجه السياسات الأعرابية الفريسية المعاصرة ؟؟؟ والتي اغتصبت الخلافة في الأمة لتستكمل ذات الزواج الأموي الأعرابي المغصوب على فرجات المساحة وكلية الأوطان .. هنا يجيئ السؤال والسؤال المتكرر لي ولكل العقلاء والى متى .؟؟ وماذا بعد هذه الثورات .. ومتى يأتي نصر الله .. وهنا المفترق في الوصال بين الأطروحات الهمجية الغربية الممسوسة بالغموس الابليسي الماشيحاني على مدى القرون ..
 فالقصة أخي الدكتور علوش وكما قدمت في كلماتك  في وجهة نظري ليست مسألة ضخ الغاز ؟؟ من مصر إلى السرطان الجرثومي الفاسد في إسرائيل قاتلة الأنبياء وأم الزواني وسافكة الدماء كما ورد لفظا في العهد القديم وكلام الأنبياء الصحيح ..
وفي القرآن الكريم قال المولى عن الهمج من عبدة العجل السامري وأصحاب غموس الوثنية السامرية التي لازلت تكرس منهجية فكر المسيح الكذاب على حد التعبير الدقيق للسيد المسيح والأنبياء ..
 عليهم السلام
{ قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً{50} أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً } سورة الاسراء
وضخ الغاز هو سلسلة من عقود الخوالف الأعراب طوال تواريخنا وهم الأشد كفرا ونفاقا على أمتنا وعقيدتا واسلامنا التوحيدي .. حين كرست هذه القبائل الأعرابية وهم الخوالف المتمردون على القانون الالهي عبلر الاتاريخي .. وصموا في مصطلح الحديث النبوي المحمدي..
( بأئمة الضلال الأئمة المضلون )  
وفي الانجيل ذكروا بالفريسيين وكلاهما وجها لعملة دولارية ماسونية واحدة سجل على قفاها الهرم الوثني وعين المسيخ الدجال العوراء لتأكيد الختم للعم سام وهو السيد الخبيث الدجال !! صنو ابليس التاريخي ..
أساطير الدجال الزائفة  
  http://elzahracenter.wordpress.com/2010/06/23
والغاز المضخ في سيناء لليوم وغدا وحتى يجيئ الامام المهدي الموعود عليه السلام  .. سيبقى رمزا  لذلك الوصال التطبيعي الخياني المتخلف ورمزا للقطاعات العشائر البدوية الأعرابية المتخلفة !!
وهي التي قفزت على النبوات  قتلا وسحلا وسفكا ونفاقا ..
 لهذا جاء مصطلح الخوالف .. ومصطلح الرجعية في القرآن ليؤكد ماهياتنا وسياساتنا المعاصرة .. وهاهي تترنح في أحضان الغازي على ديننا من بوابة لعبة الأمم وحكومة اليهود الخفية الماسونية .. حاملة الرايات الزرقاء !! وقائدة لعبة المؤامرة عبر العشيقات الزواني ..
( الماسونية الزرقاء وأصول سفك الدم العالمي ! )
هو التأصيل لكليات هذه القوى المتخلفة في تواريخنا المجيدة في أصولها .. وهو قول الله المتعالي :
{رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }التوبة87
والغاز المصري الإسلامي وهو دم المسلمين القادم في المعركة الحتمية تدرك إسرائيل المفسدة في الأرض والوثنية القلب قدرتها عبر بيادق العملاء المرتبطين عبر مؤسسات العسكر .. من أمثال ( الماشباحاة الصهيونية  ) ..  
والتي مثلها حسني اللامبارك وربيبه عمرو سليمان أخطر عملاء الموساد في الجيش المصري .. وأصحاب الوصال مع المعشوقة الإسرائيلية  وقنواتها الماسونية ....العقد الفريد للموساد الذي علق سلسلته الحديدية ككلبشات السجان القاتل بأيدي هؤلاء الخونة والمرتدين الخوالف حين علقت هذه السلسلة في عنق الضابط اللامبارك في الجيش المصري ليكون أداة خيانية من الطراز الأول ينهش لحوم الأمة ويشرد الشعب ويصنعه شعوب ويقتل سيناء من وقودها الثوري وهي التي سميت في توارة الله ( الأرض البهية ) وحقا هي الأرض البهية فقبيل ان نناقش مسألة الغاز السؤال إلى متى سيبقى القيد والأساور الذهبية السامرية غير المقدسة في أيادي الأمة من حفنة هؤلاء العملاء والخائنين !! إذا المسألة يا قارئي الكريم هي الحوار مع وعي الثورة الخاتمة ومسألة التحرير القادم ولهذا كانت وجهتنا وموقعنا ورسائلنا التي غطت المساحات ؟؟    
تدعو إلى حرية الانسان والالتزام بالمنهجية الالهية وثقافة تحرير الانسان .. نعم قامت ثورا عظيمة واعتبرها قبيل انطلاقتها بوعي الهي ثاقب انها إرهاصات قادمة ذكرت في سفر أشعياء النبي علبيه الصلاة والسلام .. وقبيل التوسع في التأصيل لا بد من القول :
 أي منهجية اليوم تحملها الثورات العربية وتحديدا الثورة في مصر واليمن وهم اكبر ثورتين .. ؟؟ و :  الآن  نحن لا نعيش بين أقواس الفكر التكفيري العقيم .. ولكن في المقابل لا ننعت التوصيفات في غير مقامها للقول "  بأن امتنا اليوم لا تعيش في سياق رؤى ولا مركبات شرعية إلهية ..
وتعتبر الحاكم الخائن والضارب في العمالة سيدها وملكها وحتى يحرم بعض المتخلفين الدينيين الرجعيين الخروج عليهم !! وبالتالي لا تمتلك هذه القطاعات الدينية ولا الشعبية منهجا إلهيا للثورة الالهية .. ولعل هذا اخطر أسباب التمويه الذي حمله فكر الخوالف والقوى المتخلفة الرجعية التي تسللت الى روع جماهيرنا وجعلت التقابل واللقاء مع أنظمة العسكر المجرمة والمنقلبة على التاريخ أمرا ميسورا !! ضحية للعقل الإسرائيلي الوثني المتمرد :
( 8تَعَالَ الآنَ اكْتُبْ هذَا عِنْدَهُمْ عَلَى لَوْحٍ وَارْسُمْهُ فِي سِفْرٍ، لِيَكُونَ لِزَمَنٍ آتٍ لِلأَبَدِ إِلَى الدُّهُورِ. 9لأَنَّهُ شَعْبٌ مُتَمَرِّدٌ، أَوْلاَدٌ كَذَبَةٌ، أَوْلاَدٌ لَمْ يَشَاءُوا أَنْ يَسْمَعُوا شَرِيعَةَ الرَّبِّ. )
أشعياء : 30 : 8 ــ 10
وفي القرآن الكريم الخلاصة في كل السياسة ومنهجية الثورة والمصطلح ... إنهم الأعراب الذين ...
{رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }التوبة87
وهنا المحطة وانكشاف السر من وجهة حال المصطلح القرآني وتعابيره التي ترسم غاياتنا الحضارية بكشف القوى المعادية لثقافتنا وعقائدنا وديننا المرتكز على الوحدة التوحيدية أساس ثورتنا وكليات غاياتنا .. انهم الخوالف الأشد خطرا وهم الذين يحيطوننا وأسوارنا ويقصمون ظهورنا نفاقا وزيفا لارتوائهم من منهل عدونا وعدو الله تعالى الشيطان الرجيم .. ويجيئ نقيضا للخوالف قول ربنا المتعالي بالأمر النافذ لديمومة حركتنا وثورتنا .. وفيه التحذير من المخالفة في أساس الاستلهام لحركتنا وتفسيرنا للمعتقد الثوري في تصريفات سياستنا وهو قول الله تعالى في علاه :
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63
انه مصطلح الخوالف والحذر من المخالفين للأمر الالهي المقدس العظيم .. وفيه كما في آي القرآن الفتنة والعذاب الأليم ... فيسلط الله تعالى علينا من لا يخافه ولا يرحمنا .. وهم أبالسة الشر الذين روحهم متوحدة لسحق هويتنا وثقافتنا انكسار وهبوط منذ زمان اهبطوا فيها .... يتسللون على ثوراتنا فينقضوا عليها :{ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً } ...  
ويجعلون الحرية ودمنا المقدس سربالا للدجل المخفي في هويتهم الشيطانية .. ويحولون ثقافة الحرية إلى ثقافة الاستبداد والقيود والأغلال .. يشرعنوها حسب الهوى المقتضى وشريعة الغاب المجرمة والهائمة على دمنا المقدس ..
ولهذا فلن يكون هناك سلما ولا سلامة مواثيق إلا بالحرية للشعوب الإسلامية التوحيدية بعيدا عن فكر الإصر والأغلال .. إنها في القرآن والتوراة هي القيود وأغلال المؤامرة والظلم الاستعبادي للشعوب ..          {  وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } : الأعراف157
إننا إذا توحدنا على منهجيتنا الالهية بثورة روحية محمدية كاملة استوينا على ذواتنا بالقيم الالهية ، وأسسنا مشروعنا الثوري التحريري الهادر لأوطاننا .. وهذا لا يتأتى إلا بإسقاط الأغلال من ثقافتنا أولا ..  ومن علاقاتنا مع  حكومات الخبث الدولية المحرمة علينا وعلى دمنا وعلى منهجيتنا .. ولغتنا الحديدية المفتدية لحريتنا بدمنا .. انه الدم الرباني المقدس الذي لا يخضع بالقطع إلى حالات الاستهواءات الطائفية ولا لعبرات الهوى الحزبية والتعصب للمذهب والأفراد المتألهين والمتسربلين بنغمات الردة الفكرية المعادية لثقافتنا .. وهو الذي تقوده حكومة النبي الكذاب السامري في دولة العم سام الدموي التي يقودها نماذج عابد الشيطان وعبادة العجل الذهبي بوش نيابة عن الدجال اليهودي الكذاب .. .. وهو الذي يقول على المرئيات مشدوها وهو ينظر في وجه شارون فيقول للجمع والملأ :
 إنني انظر في وجه  شارون فأرى فيه المسيح القادم ؟؟  
 ولو انه اختار وعلا قبيحا غير هذا الدموي لقلنا اقترب التحليل ..
وحدثت المقاربة ؟؟ ولكنه حقا تم توصيفه بالتمام لأنموذج بوش من خلال وجه شارون الموغل في الدم .. انه بالتمام النبي الكذاب المزعوم المسيح ابن داوود الذي نسجه الدجال بولس الطرطوسي صانع الوثنية البروتستانتية الأول .. وواضع مناهج الإصر والأغلال التي تكلم عنها الله تعالى في القرآن الكريم ..
وهنا افلح الدكتور علوش في عنوانه بعنوانه الجدير  :
( إن الثورات الشعبية لا تمد يدها للقوى الاستعمارية ؟؟
وإذا امتدت قطعت لأنها يدا ملوثة مشبوهة تواصل سرقة دماء الأمم بأيدي خفية .. تسجها العنكبوتية التلمودية الغارقة في قلب البيت الأبيض وجهازها الأمني القومي الذي صنع عملاءه في مصر عقب الحرب الكونية الثانية .. وعقب سياسات التسليم المخابراتي الغربي الماشيحاني من بريطانيا التجزئة وحاملة فكرة فرق تسد إلى الولايات الأمريكية المجرمة والابليسية .. وهذه هي الأسفار تنقل هويتهم وسفكهم وعبوديتهم الوثنية للآلهة الأخرى ..
:«عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هكَذَا. 6لأَنَّهُمْ سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ، فَأَعْطَيْتَهُمْ دَمًا لِيَشْرَبُوا. لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ!» ..
( سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي يوحنا : 16 : 5 ــ7  )
وهنا لابد من الإشارة مليا إلى كل المعاهدات والثورات المعاصرة بعين النقد و بمقص الرقيب والمراقب الفاحص حتى لا نكون كالتي نقضت غزلها .. والتي هي الحالة التي نها عنها القرآن الكريم ...
في قوله تعالى في علاه :
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }النحل92
وإننا في هذا  التقديم المختصر وحتى نغطي على المقالة بالتوسع لا بد من التأكيد أن ثوراتنا اليوم يكتنفها أزمة غياب المنهج الثوري وأنموذج القيادة الموحدة والقادرة على وضع المساقات الربانية لحركة الأمة وصراعها المقبل والذي لا ينتهي إلا بفتح القدس الآتي .. وهذا  اللابد الحتمي يقتضي منا إثبات حضور القيادة الالهية في رسوم ثوراتنا الالهية .. قال الله تعالى :
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } : الأعراف96
*************************** 
وهذه هي المقالة ننشرها كما وصلت لموقعنا بدون تغيير على أصولها حفظا للحقوق
*************************** 
الثورات الشعبية لا تمد اليد للقوى الاستعمارية
الدكتور إبراهيم علوش
17/3/2011

*************************** 

ثمة ألم في مشهد استئناف ضخ الغاز المصري – بعد الثورة - للكيان الصهيوني، وثمة خلل في حراكٍ سياسيٍ يقوم في هذا الجزء من العالم، بين الخليج العربي والمحيط الأطلسي، لا يشخص عدوه الرئيسي باعتباره الطرف الأمريكي-الصهيوني ومن يتحالف معه.  وثمة مشكلة في برنامج سياسي لا ينطلق من أن التناقض الرئيسي في وطننا العربي هو بين الإمبريالية والشرائح الاجتماعية والقوى السياسية والنخب الثقافية المرتبطة به من جهة، وبين أوسع جماهير الشعب العربي من جهة أخرى.   وعندما يغيب مثل هذا التشخيص عن حراك وخطاب ومسار العمل السياسي، فإنه يصبح مفتوحاً لكافة احتمالات الانحراف والاختراق والاحتواء بأثر رجعي، حتى لو بدأنا من فرضية النقاء السياسي المقترن بنقص الوعي وقلة التنظيم.
خلال الأسابيع الماضية لاحظنا أن المطالب الرئيسية للحراك السياسي في الشارع في دول عربية مختلفة تركزت إما على فئة الإصلاح الدستوري والديموقراطي، أو على فئة القضايا الاقتصادية والمطلبية، وأن ملف العلاقة مع الطرف الأمريكي-الصهيوني اتخذ موقعاً خلفياً عندما تم التطرق إليه أصلاً.  ولو أخذنا مصر نموذجاً، لوجدنا أن معاهدة كامب ديفيد لم تنل حظها من الاهتمام من قبل قيادات التحرك الشعبي والشبابي، وكان من المستغرب خلال الأسابيع التي فقدت فيها الأجهزة الأمنية السيطرة على الشارع، وألقى الشعب بملايينه المظفرة في الميدان، أن لا يتم العمل على اقتلاع السفارة الصهيونية في القاهرة اقتلاعاً، وأن لا يتم تسيير التظاهرات المليونية باتجاهها على الأقل..!
ما يصح على مصر ينطبق طبعاً على الحراك السياسي في تونس، وعلى بقية الدول العربية التي قام فيها حراك مثل الأردن واليمن والبحرين وغيره.  فلو قامت مثل هذه التظاهرات في الخمسينات والستينات، لتوجه بعضها على الأقل نحو السفارات الغربية التي تدعم دولها أنظمة التجزئة والحكام الذين يثور الشعب عن وجه حق ضدهم، وهو ما لم يحدث خلال الأسابيع الماضية، وقلما سمعنا هتافاً للوحدة، مع أن الثورة هي في الواقع ضد أنظمة التجزئة، ومع أن الفشل والفساد والاستبداد هو لأنظمة التجزئة القطرية، ومع أن تفاعل الشعب العربي مع ما جرى في تونس ومصر وقف شاهداً على وحدة الوجدان العربي، ولو أن ذلك لم يرتقِ لطرح شعار أو برنامج وحدوي أو مناهض علناً لارتباط الحكام والأنظمة بالطرف الأمريكي-الصهيوني وقوى الهيمنة الخارجية.
ولمن يحب التصيد بين ثنايا الكلمات نقول أن هذه الثغرة لا تعني أن الشعب العربي نسي التناقض مع الطرف الأمريكي-الصهيوني وأذنابه، لا بل أن الحراك الشعبي في العراق اتخذ لوناً مناهضاً للاحتلال بالتعريف لأن حراكه في الجنوب والوسط والشمال جاء ضد قوى ترتبط مباشرة بالاحتلال وتستمد قوتها منه، كما أن الشعب العربي لا يمتلك رفاهية تغييب هوية عدوه الرئيسي الذي يحتله بشكل مباشر أو غير مباشر.   ونذكر أن احتلال العراق والعدوان على غزة وقبله على جنوب لبنان ومجمل السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وغير ذلك كثير، خلق عداء شعبياً عربياً مستحكماً للطرف الأمريكي-الصهيوني دفع الولايات المتحدة، كما هو معروف، لوضع خطط متشعبة للتصدي لسؤال: "لماذا يكرهوننا؟!".

أليس من الطبيعي إذن، بعد كل هذا، أن يُطرح المطلب الجزئي والمحدود الدستوري أو الاقتصادي في سياقه الوطني والقومي؟!  فإذا لم يطرح هذا المطلب الديموقراطي والاقتصادي ضمن سياق التناقض مع الإمبريالية والصهيونية، يصبح من السهل تحويل الحراك الشعبي نحو مسارات آمنة، قابلة للاستيعاب، إن لم نقل قابلة للإجهاض، لا تهدد منظومة التبعية للإمبريالية.

الناس يعرفون بوصلتهم جيداً عن ظهر قلب، لكن النقد هنا على مسار الحراك ومآله، حرصاً على إيصاله إلى نتيجة مفيدة، ولكي لا يشعر من بذلوا التضحيات بعد أشهرٍ أو أعوامٍ أنهم نالوا أقل مما يستحقون، ولكي لا يسود الإحباط بعدما تضع ثوراتنا أوزارها.  ولذلك يجب أن نركز أن التغيير الحقيقي في مصر عنوانه إسقاط معاهدة كامب ديفيد، وان التغيير الحقيقي في الأردن عنوانه إسقاط معاهدة وادي عربة، وأن التغيير الحقيقي في فلسطين عنوانه إسقاط اتفاقية أوسلو وأخواتها (وليس شعار إنهاء الانقسام)، وأن تلك المعاهدات نهج داخلي وخارجي ينبع من رحم الأنظمة، وأن التغيير الحقيقي في الوطن العربي عنوانه إسقاط التبعية لقوى الهيمنة الخارجية، وان كل المطالب الديموقراطية والمعيشية يجب أن تقاس بمسطرة التناقض مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، وأن ذلك التناقض هو الأساس، وأن الباقي مهم، ولكنه يبقى إما نوافل أو مداخل للتناقض الأساس.
أما خارج سياق التناقض الأساسي، فإن حراكنا الديموقراطي قد يصبح ثورة ملونة، على نمط ثورات أوروبا الشرقية، يسر حكومات حلف الناتو أن تتبناها، وحقوقنا المعيشية قد تصبح ملهاة تنسينا التناقض الرئيسي.  ويصبح من السهل على البعض أن يتصور أن التغيير يجري بدعم وتمويل من الخارج، عبر منظمات التمويل الأجنبي وبرامجها "الديموقراطية" أو عبر الدعم الاستخباري.
كما أننا إذا نسينا التناقض الرئيسي لا نعود قادرين على التفريق بين ثورة وثورة مضادة.  فالأولى تحقق سيادة الشعب على أرضه وفي وطنه، ولا يمكن أن تهادن أعداء الوطن، أما الثانية فتعمق التبعية للخارج خلف لعبة تغيير الوجوه، وترتبط بالخارج تحت عناوين براقة مثل "الديموقراطية" و"حقوق الإنسان"، وهو الأمر الذي ما برح ينبه إليه الكتاب الروس والصينيون والأمريكيون اللاتينيون في تناولهم للحراك الشعبي العربي خلال الأسابيع الأخيرة، وهو أيضاً ما يدفع تلك القوى الدولية الممانعة أو المعادية للهيمنة الإمبريالية للتصدي للتدخل الأجنبي في ليبيا مثلاً.  ولحسن الحظ، فإن مجموعة كبيرة من المثقفين والمناضلين العرب أصدروا بياناً مناهضاً للتدخل الأجنبي في ليبيا بكافة أشكاله، وهي خطوة ممتازة بالاتجاه الصحيح لأن التغيير الديموقراطي في الوطن العربي لا يجري في ظل حظر جوي أمريكي ولا تحت رعاية المحاكم الدولية.

ونحن لا نستطيع أن نفصل المطلب الديموقراطي والاقتصادي عن مطلب التحرر الوطني، ولا أن نفصل وعي الحرية في الداخل عن وعي الحرية في الخارج، لأننا لا نستطيع فصل الفساد والاستبداد عن التبعية والتجزئة.  فهل كان من الممكن لسلطة تنسق أمنياً مع العدو الصهيوني أن تكون غير فاسدة مثلاً؟  وهل يمكن لسلطة تقوم في ظل الاحتلال في العراق أن تكون غير فاسدة؟  وهل يمكن أن تستند أنظمة تقوم في ظل الحدود التي رسمها الاستعمار، مهمتها الحفاظ على تلك الحدود المصطنعة، أن لا تكون مستبدة وفاسدة؟!  وهل يمكن أن ننسى مثلاً أن فرض قانون الصوت الواحد، لإنتاج مجلس نواب أردني موالٍ بالكامل، كان ضرورة قانونية لتمرير معاهدة وادي عربة، وأن ننسى أن بيع الثروات العامة للشركات الأجنبية في الأردن يمثل استمراراً لنهج وادي عربة والتطبيع مع العدو الصهيوني؟!

كذلك لا يجوز لنا أن نجد أنفسنا في نفس المربع مع حلف الناتو وقوى الهيمنة الخارجية...  وعندما نجد أنفسنا في موقع من هذا النوع يجب أن نعيد النظر في موقفنا كثيراً، فالثورات لا تجري في فراغ بل في ميدان جغرافي-سياسي محدد، وعندما يفيد التغيير قوى الهيمنة الخارجية أكثر مما يفيد الشعب العربي، يجب أن نتروى كثيراً.  وعندما نرى قناة الجزيرة تتبنى نفس الخط الإعلامي مثل قناة العربية والبي بي سي، يجب أن نتروى كثيراً.  وعندما يعلن المسؤولون الأمريكيون أنهم على اتصال مع "ثوريين" عرب وأنهم سوف يقدمون لهم السلاح والدعم، يجب أن نتروى كثيراً.  وعندما يعترف مجلس التعاون الخليجي وفرنسا وبريطانيا بأولئك "الثوريين" فيما يتهمون بقية ثوريي العالم بالإرهاب، يجب أن نتروى كثيراً.  وعندما نرى حراكاً "سلمياً" يبدأ بمهاجمة معسكرات الجيش والمراكز الأمنية، على عكس ما جرى في تونس ومصر مثلاً، يجب أن نتروى كثيراً.  وعندما يطالب "الثوريون" بضربات جوية من حلف الناتو أو بمنطقة حظر جوي أو بوصاية دولية، يجب أن نتروى كثيراً.  فالثورات لا تمد اليد للقوى الاستعمارية.  والثورات الشعبية من حقها أن تسقط الحكام بكل تأكيد، ولكنها لا تفرط بالسيادة الوطنية.  ولهذا يجب أن نعلي الصوت: نعم للثورة الشعبية العربية، ولا للظلم والاستبداد، ولكن قبل ذلك كله لا للعمالة للخارج.

لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعات Google‏ مجموعة "مجموعة ارض
كنعان الاعلامية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق