الأحد، 12 يونيو 2011

الحلقة السابعة أبو ذر الغفاري أمير الزهاد - تعقيب الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي






 

الحلقة السابعة أبو ذر الغفاري أمير الزهاد    
تعقيب الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي 
************************** 

تعقيب الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي 
على الرسالة بنثرية شعرية جادة وملتزمة بعنوان :

*************************** 

أبا ذرة مرة أخرى يا قطار عمري أنت تاج في المرحلة ..

الشيخ والمفكر الاسلامي 
محمد حسني البيومي جودة الهاشمي


أنت أبا ذر ثورة ..
أنت غمرة نور ترمقني من قلب الزحم ..
لك أخطو بدعوة إلى عمق القمم  ..
حيث النور العلوي الرباني الساطع ..
نحو أمل تليد من روح القمم ..
فأرى نورك قلبي في قلبي القلم ..
يسطع لك بثورة قلم  .. 
يا ثورة زهدي في عمقي تسكن ..
حيث المسكن أمم لمحمد
عليه صلوات الهي القدوس..
الهي القدوس لك أسطع لأبي ذر بثورة نجم وبثورة قلم ..
ولعلي وفاطمة الزهراء نور الصلوات ..
ولحسن وحسين وكل الجمع .. 
عليه كل الأنوار العلوية ..
وفيها قلبي يسطع ومنها ثورة سري في قلمي ..
لك اسطع أبا ذر بالنور وبالعشق ..
يا ساكن تاريخي من قلب العزم ..
وأنت أبا ذر يا غازي قلبي ..

ماذا تصنع يا ثورة في روحي جائت تسكن ..
قلبي ماذا تفعل بي  يا ثورة زهدي .. 
إليك الروح يا غازي عمقي ..
وروحي الجارية من عمقي لك تسطع بالذكر ...
وتسجيل نوراني من نور الروح..
فادخل عميقا أبا ذر في قلبي ينكشف لك السر ..
فأنت يا ثورة روح علوية من دمي أسقيك الثورة ..
ثورة عشق مألوفة مدفوعة ثمن من عمق الأزل ...
يا ساكن قلبي من مجد الهي ..
ولك بالروح  اسطع بالتمجيد ..
ومن مجد الهي القدوس ..
أسكنك بفخري وأنت متوج في هامة قلبي ..
قلبي المعشوق المحسوم لالهي العز عزيز الكون ..
وأجري على الله لا اسأل قومي إلحافا ..
ولا منهم ثورة عز ..

فاسكن أبا ذر  المحبوب ..
يا رضوان من رضوان الهي ..
عمقي تجد النهر الجاري يا ثورة زهدي ..
لك أول قصيدة في عمري الحب ...
لك اهدي ثورة حبي .. 
ثمرة فؤاد من قلب الشمس ...
وأول قمر يبزغ ساطع من أمي فاطمة الزهراء ..
عليها كل الأنوار العلوية ..


من عمق التاريخ الأزلي ..
تنير لي القلب من عمق أبي وكل الآباء ..
عليه وعليهم صلوات الهي ..


في وجه ثورة جدل .. !!
جئت على ذات القدر ..
في تبيان كلمة حق ساطعة من فوري ...
وهذا نثري قبيل عشر سنين لك به ..
أشدوا في دولة عزي ..


************************





أنا المطارد الثوري من تمام الخلق وعمق الأزل ...
جئت الشاهد للشاهد الآخر..
هو المهدي يسرى نوره من عالم العشق ...
إلى كل عالم الأمم ..
أنا الروحاني قولوا ما شئتم أنا الثوري..
أسكن معسكر الثورة ..
أنا هاشمي أقولها ثورة ...
أنا الميم .. أنا الحاء حاء جدي.. وميم جدي ..
انأ حتما من قلعة النور ... إلى قلعة النور ..
حين فرج الحبيب سليل النبي قادم نحو القدس ..
معجزة ونور في الهدى غاية ..
رقم هويتي سادتي واحد ..
وغلافها القدس .. أنا من نور الحبيب ..
الرمزي ثورة ..
أنا .. من أنا العلوي ..

أرسم طريقي نحو كل الميم ..  نحو كل الحاء ..
نحو الميم .. نحو الدال .. حروف قمري .. "
محمد " ..
وروحي نحو عشق النور وعشق الاله صاحب الكرسي ..
أنا الساجد بعون الله طوال الوقت حذو النور ..
وعلى يمين جدي الأقدس .. جامع حروف الرمز ثورة
... ممتدة من عشق الاله ربي ..
حروف محمد نبي النور .. حامل قدس الاله في كل العواصم ..
أنا ثورة .. أنا قنبلة التفجير وروح الثورة ..
أنا هاشمي حق من نور العشق ..
اسموا من نور الحبيب المخلوق من نور الوهج ..
أنا العاشق .. بحق .. أنا ابن النور قمري ..
قلبه ورسمه في القرآن ..
صورتي نحو كل مملكة العشق ..
أنا لست مسئولا..
أنا الباحث عن القلوب ابعثها رسالة نحو الاله محملة
بدعوتي أنا المظلوم ..
أنا الملاحق في كل ساحات العشق .. أنا المكذب ..
أنا صرخة .. أنا لست سنيا ..
أنا لست شيعيا أنا الوحدة
.. أنا اعشق أمة جدي ..
أنا اعشق الأمة ..
وأنا روحي في العلى تبيت وتصبح في العلا مرة أخرى ...
وأنا المسجى على فرشة الزهد ..
أنا الفقير لا اشبع مطلقا من كثرة الرد .. صيامي كلمتي ..
لكنني أبدا لا أصوم عن العشق لا أصوم أبدا عن الكلمة
عنوان الربط للقصيدة :

رسالتي روحي أنا العاشق أبحث عن هوية 

http://elzahrahopelahy.blogspot.com/2010/11/blog-post_03.html 

وأعود إليك أبا ذر عبر السنين بلغتي ...

وأنت الزاهد الثوري بقولي ..
وأنا المسجى على فرشة الزهد ..
وأنت الرائع القول يا فصلا من القول ...
أنت الرمق وكحل ثورتنا ..
فهيا امتشق السبف جوار عذوبة كلمك ..

ايها الراحل من عمقي الى عمقي ..
إلى بلادي القدس مملكة ...
من روح الاله ومسكن الجمع والنور ..
هنا أبا ذر يا عاشق إله الكون لك المجد والتمجيد ..
من خالقي أحذو لك التمجيد من نور الهي ..
عاشقي ومطيب كلماتي العطر .. 
تفوح بالمسك من نور قرآني أفتحة في كل ساعاتي ...
فينهمر الدمع ويشتعل القلم بثورتي ..
أنا المقدس الهي ..
لا افهم سوى التقديس عذرا ..
على مصطلحي يا سادة الكون ...

لا تطلبوا مني أن اكتب أنا سيد .. !! 
أنا سيد الا بعد النور اغرسه ...
محررا جوار حبي في شوارع القدس ..
فهناك الأمل الحسم لمصطلح التقديس ..
فما يعني يا سائلي في موقع أمي زينب البطلة ... 
نورا من القمم سألبي طلبك ... ؟؟
واكتب أنا السيد بعد فتح الله للقدس ..
وما تنفع السيادية وعمائم سوداء !!!
تملأ الساحات مغمورة بالفشل الذريع .. 
وتواريخ من الهزائم ملئت الكون .. !!
وماذا تنفع كلمة السيد وأصحاب العهر !!
عمائم سود من الزيف تصعد دبابة الماسون .. 
و الخزر الآتون إلى بغداد تسحق الثورة الغمراء ..
وشرف التقديس لمقامات من العز ..
واما اسطع عبر السنين لا أغيب بروحي ..
ولا نفسي ان تكون سيدا اليوم ...
يعني أن تكون هادرا في الرد ..
على قمم السوء ولا ترضى بسياسة الذل ..؟؟

الرابط ..
http://www.yahawra.net/vb/showthread.php?t=6478

هات سيدي يدك اقبلها يا مرجعي !!
أنا المهزوم في القدس وكوفان !!
فأين المفر يا الهي القدوس العظيم ..
من سياديات ملئتها كؤوس تجرعت السوء ... !!
وعار من كؤوس الجور .. !!
وأنت أبا ذر سبقتني في العطاء ..
وأنا سابقك في عالم الذر ..
قم أبا ذر آتيك غدا بفرحك الآتـي ...
أهنئك الحضور في زمان الفتح قادم ...
نرسي للأسياد تاريخا مجيدا ..
ونرمي الزوان بعيدا عن القمح ..
إليك يا مسيح النور يا ابن مريم قدسية في الكون ..
عليها السلام ...
كل السلام مني يا حبيب القلب ..
يا ضارب الأمثال في الانجيل ..
وصلتي رسالتك العزيزة من إنجيل متى ..


( انجيل متى : 13 : 24 ــ 30 ، 36 :
متى : 9 : 37 ــ 38   )


مسجلة فيها كلمة السر أبا ذر قم من رقدتي ...
يا عاشقي في الغيب وانهض ...
جوار إمام الكون مهدي ثورتنا العتيدة ..
ثورة واصدع بحقك ...
وأنا لك المخزون في ثورة النور ...
وقودا نشعل بها ثورة العز ..
فأنت في الغبراء أقوى لهجة تحطم القيد ..
" ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل اصدق من أبي ذر "


خافوك يا حبي من قوة النور في الكلم ..
وهذي شهادة جدي الرسول عليه محمد ..
صلوات الهي القدوس ..
فأنت الفخر منا أهل البيت ..
عليهم سلام الله في الكون ...


نفتديك الروح يا فخر العوالم ..
ونحن منك يا أبا ذر يا قائدا في دولة النور ..
يا وزيرا في دولة المهدي تعتلي القمم ..
وهذي شهادة فخري جدي علي عليه..
أنوار الهي لأبي ذر في وداع الحزن ..
ووداع حامل ثورة الحزن علي
عليه صلوات الهي القدوس الهي ..
ومفجر النور من ثورة الألم ..
ومفجر النور من ثورة الأمل ..
" يا أبا ذر انك غضبت لله إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك فامتحنوك بالقلى و نفوك الى الفلا و الله لو كانت السماوات و الأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا، يا أبا ذر لا يؤنسنك الا الحق و لا يوحشنك الا الباطل. " 

أبا ذر يا هادر يا بائع الملوك الكسرويين ...
وتجار ثورة النور قتلوا أعزاء التاريخ ...
هموا في النار وبئس القرار ؟؟
وأنت الفخر يا حامل نور ثورة النور ...
في قبرك تخطط وتعد الرحيل لنور قادم حتما ..
وهدي الهي لثورة العز ..
تحنن على في قبرك النور ومشهد التاريخ ...
يا قبلتي على خديك يا فاتحا قلبي لشهية التاريخ ... ؟؟
أراك بروحي تتحنن وتبتسم في وجهي التأكيد ...
والتأكيد الملهم لي قرآني في ثورتي الفخر ..
وملهمي بالروح وأنيسي في زمان الوحشة ..
مؤنسي ووقودي في ثورة القلم ..
ونار في وجه المكذبين لثورتي ...
لا ارحم التكذيب غدا وكلماتي أصعب من النار ..
كن أبا ذر يا غريب الدار واصعد سفينتك ...
أيها القمري في ثورة من النور وثورة من المجد ..
آيات من الله تتلى في الغيب ..
ونحن أهل التأويل نورا من عالم القمم ..
وهذي يا سادة النور ثورتي للمهدي الجليل عليه
صلوات الهي القدوس ..
حبي أعلنها واسطع لا أبالي ...
ومنها المجد لأبي ذر عليه سلام الله ...
وكل القادمين أجلاء من عميق تاريخ ..
وعميق من الأزل ..
هم الشاهدون الأشهاد يتلون ترانيم الغيب ..
فيحيي الله العلي بها القلوب ..
فيا عظيم يا أعظم استجب لترانيم اسم الله العظيم ..
واخطوا بنا من نور الغيب ..
إلى عميق النور في القدس ..
ومحورنا الجليل من مكة إلى القدس المسدد ..
لا نبالي بغير الله ونحن الزارعون ..
من روح الهي وثورة جدي الممدوح  محمد
عليه صلوات الهي القدوس ..
من روح الاله العظيم مجده ...
من النور قبيل الخلق لثورة النور تكتسح ثورة الألم ..
ليس وداعا أبا ذر حتى نلتقي  ..
ليس وداعا أبا ذر حتى نلتقي  .. 
{ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ 
عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ }المؤمنون105 ــ 106 
ليس وداعا أبا ذر حتى نلتقي  ..
وحتما سنلتقي ثورة الروح العدل ...
في وجه الظلم تاريخا مسجل ..

لعهود من الظلم تجيئ الربذة ..
أضحت مرادفا لصوت الظلم وصوت القهر ..
ورمزا لحياة المطاردين من أرض التقديس ..
فالويل لك يا طاردي من بلادي القدس .. 

فلا ربذة بعد اليوم وفي زمان العدل الالهي ..
إنشاء ربي نجرفها من كل الوجود ..
ونقيم فيها صرحا من ثورة العدل ..
ومحاكمة لكل عهود الظالمين على آل محمد 

عليهم صلوات الهي العز ..
وفتح القدس أوشك ..
وعار على بني أمية ومروان الملعون في ظهر أبيه ..
يزج عثمان الصحابي ..
في أتون المخلفين من الأعراب .. 

وعلي أبي عليه السلام ..
وبنيه الشاهدون على الظلم .. ؟؟
ناري غدا بثورة إمامي المهدي الجليل
عليه صلوات الهي القدوس
ثورة على كل عبدة الأصنام والجور ..  

صبر يتفجر ثورة .. واستوى عوده لينجب ثورة ..
الهي صبري ... لم ينفذ فاجعل ... 
وجعي صبرا يزهر . .

العنوان التالي  :
الربذة أبشع مصطلح تاريخي .. !!


مصطلحا تفوح منه رائحة تزكم أنوق قديسوا العلا ..
ولا ترمز في وعي ثورتي سوى على ثورة الأعراب ..
وثورة الأعراب لا تفوح منها سوى النفاق والغدر ..
لبني أمية عليهم لعائن السموات والأرض ..
فأين تذهب يا ابن مروان يا دجال عوالم الأعراب ..
من ظلم التاريخ يا ملعون وأنت في ظهر أبيك ..
قالها جدي الرسول محمد
عليه صلوات الهي القدوس ..
سيد الأكوان وروته عائشة التطهير..
لابن مروان ..
قصمت ظهره في الخطاب .... 
ثورية أمي عائشة عليها سلام الهي البار..
من التاريخ ..
أسجل لها ثورة نور قادمة من العز ..
الرابط :

أمي عائشة الوردة باسقة من نور الهي تسكنين عمقي والقضية http://elzahracenter.wordpress.com/2011/05/20  


عادت بعد النور وعلي أبي الشاهد ..
لا يريد أن يجرد السيف وليمضي التقدير فينا ..
فنحن جسرا الدم من زمان الضحي حتى تخرج دابة الأرض
فتكون المصيبة على حكام العار في مكة النور..
أبناء الزواني وعسكر السوء وآل سعود نواطير اليهود ..
وفقهاء ثورة السوء  !!!
الرابط :

إفتي يا عرص التاريخ  بمكة بفتوى القتلة …   ؟؟ http://elzahracenter.wordpress.com/2011/04/19

وثورة الخنجر المسموم في صدر مصطلح القداسة ..
وتعود اللعنات تصب من آل مروان للزيت على النار !!

{أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ }الأعراف98
انظر الرابط :
أعود لكم يا أعراب الردة جئناكم بأنوار أئمتنا نسطع بالنور ..

سلام أبا ذر في العالمين من قلب ياسين ..
وسلامي وأنوار إلهي في العلا لكل آل ياسين ..
سلام على مهدي العوالم حبي المعشوق ..
حامل ثورة القسط ..

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين
أخوكم
الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي جودة  الهاشمي

************************ 



الرسالة المنشورة على المواقع بعنوان :
أبو ذر الغفاري أمير الزهاد عليه رضوان الله
نعيد نشرها في موقعنا ضمن سلسلة أبو ذر الغفاري




********************************  

أبو ذر الغفاري أمير الزهاد

قالوا عنه


"
ما أقلت الغبراء ولا اظلت الخضراء من رجل اصدق من أبي ذر "

رسول الله صلى الله عليه وسلم

"
رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده "

رسول الله صلى الله عليه وسلم

"
إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال

"
علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم "
قال 
رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم


السيرة


أقبل على مكة نشوان مغتبطا..

صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم ، بيد أن الغاية

التي يسعى اليها ، أنسته جراحه ، وأفاضت على روحه الحبور والبشور.

ودخلها متنكرا ، كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوفوا بآلهة الكعبة

العظام أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه ، أو طال به السفر والارتحال فأوى اليها يستريح ويتزود.

فلو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم ، ويستمع اليه لفتكوا به.

وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به ، ولكن بعد أن يقابل الرجل الذي قطع الفيافي

ليراه ، وبعد أن يؤمن به ، ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..

ولقد مضى يتسمع الأنباء من بعيد ، وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد صلى الله

عليه وآله وسلم اقترب منهم في حذر ، حتى جمع من نثارات
الحديث هنا وهناك ما دله

على محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.

في صبيحة يوم ذهب الى هناك ، فوجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جالسا وحده ،

فاقترب منه وقال : نعمت صباحا يا أخا العرب ..

فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام : " وعليك السلام يا أخاه "

قال أبو ذر : أنشدني مما تقول ..

فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام : 
" ما هو بشعر فأنشدك ، ولكنه قرآن كريم "

قال أبو ذر رضي الله عنه : اقرأ علي .

فقرأ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبو ذر رضي الله عنه يصغي ..

ولم يمضي من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر رضي الله عنه :

 )
أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (

وسأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم : 
ممن أنت يا أخا العرب..؟

فأجابه أبو ذر رضي الله عنه : من غفار ..

وتألقت ابتسامة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واكتسى وجهه الدهشة والعجب..

وضحك أبو ذر رضي الله عنه كذلك ، فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول

عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالاسلام أمامه انما هو رجل من غفار ..

فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأو في قطع الطريق ..

وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع ..
انهم حلفاء الليل والظلام ، والويل

لمن يسلمه الليل الى واحد من قبيلة غفار.

أفيجيء منهم اليوم ، والاسلام لا يزال دينا غصا مستخفيا ، واحد ليسلم..؟

يقول أبو ذر رضي الله عنه وهو يروي القصة بنفسه :

)
فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرفع بصره ويصوبه تعجبا ، 
لما كان من غفار ، ثم قال : ان الله يهدي من يشاء)

ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى ، وأراد بهم الخير.

وانه لذو بصر بالحق ، فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لهم الهدى ، وأراد بهم الخير.

وانه لذو بصر بالحق ، فقد روي عنه أنه أحد الذين كلنوا يتألهون في الجاهلية ،

أي يتمردون على عبادة الأصنام ، ويذهبون الى الايمان باله خالق عظيم.

وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفه عبادة الأصنام وعبادها ، ويدعو الى عبادة

الله الواحد القهار ، حتى حث اليه الخطى ، وشد الرحال.


أسلم أبو ذر من فوره


كان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..

وحين أسلم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهمس بالدعوة همسا..

يهمس بها الى نفسه ، والى الخمسة الذين آمنوا معه ، ولم يكن أمام أبي ذر رضي الله

عنه الا أن يحمل ايمانه بين جنبيه ، ويتسلل به مغادرا مكة ، وعائدا الى قومه...

ولكن أبا ذر "جندب بن جنادة " رضي الله عنه ، 
يحمل طبيعة فوارة جياشة.

فتوجه الى الرسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بهذا السؤال : يا رسول الله ، بم تأمرني ..؟

فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم: " ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري "

فقال أبو ذر رضي الله عنه : والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد..

هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته :

]
أشهد أن لا اله الا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله [

كانت هذه الصيحة أول صيحة بالاسلام تحدت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل

غريب ليس له في مكة حسب ولا نسب ولا حمى ..

ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه .. فقد أحاط به المشركون وضربوه


وترامى النبأ الى العباس رضي االله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم ، 
فجاء يسعى ،

وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم الا بالحيلة لذكية ، قال له :

)
يا معشر قريش ، أنتم تجار ، وطريقكم على غفار ، وهذا رجل من رجالها ، ان يحرض قومه عليكم ، يقطعوا على قوافلكم الطريق

فثابوا الى رشدهم وتركوه.

ولكن أبا ذر ، وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله ، لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد ...

وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم ، يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين

)
أساف ، واثلة ) ودعوانهما ، حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا..

فتصرخ المرأتان ، ويهرول الرجال كالجراد ، ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه

وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه
( يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله(

ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد ، وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل.

بيد أن وقته لم يأت بعد ، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه ، حتى

اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه..

ويعود أبو ذر رضي الله عنه الى عشيرته وقومه ، فيحدثههم عن النبي الذي ظهر

يدعو الى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق ، ويدخل قومه في الاسلام ، واحدا اثر واحد..

ولا يكتفي بقبيلته غفار ، بل ينتقل الى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه ..

وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن ، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة ، ويستقر بها والمسلمون معه.

وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان ، أثارت أقدامهم النقع..

ولولا تكبيراتهم الصادعة ، لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك

اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه..

لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم ، جاء بهما ابو ذر رضي الله عنه مسلمين جميعا

رجالا ونساء شيوخا وشبابا ، وأطفالا..

وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة ..

فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن اسلامه وايمانه ، وقال معبرا عن دهشته :

"
ان الله يهدي من يشاء "

أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة ، وقد قطعت في الاسلام بضع سنين منذ

هداها الله على يد أبي ذر ، وتجيء معها قبيلة أسلم ..

ان عمالقة السطور وحلفاء الشيطان ، قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.

أليس الله يهدي من يشاء حقا ؟

لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة
نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..

ونظر الى قبيلة غفار وقال :

"
غفار غفر الله لها "

ثم الى قبيلة أسلم فقال :

"
وأسلم سالمها الله "

وأبو ذر رضي الله عنه هذا الداعية الرائع .. القوي الشكيمة ، العزيز المنال..

سوف تفنى القرون والأجيال ، والناس يرددون رأي الرسول محمد 
صلى الله عليه وآله وسلم فيه :

"
ما أقلت الغبراء ، ولا أظلت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"

أصدق لهجة في أبي ذر..؟


لقد قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام مستقبل صاحبه ، ولخص حياته كلها في هذه

الكلمات..فالصدق الجسور ، هو جوهر حياة أبي ذر كلها..

صدق باطنه ، وصدق ظاهره..

صدق عقيدته وصدق لهجته..

وألقى الرسول يوما هذا السؤال :

"
يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء ؟ "

فأجاب قائلا :

"
اذن والذي بعثك بالحق، لأضربن بسيفي "

فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام :

"
أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ اصبر حتى تلقاني"

ترى لماذا سأله الرسول هذا السؤال بالذات..؟؟

لان تلك قضية أبي ذر التي سيهبها حياته ، وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..

ولقد عرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى عليه السؤال ، ليزوده هذه النصيحة الثمينة :

"
اصبر حتى تلقاني "

ولسوف يحفظ أبوذر رضي الله عنه وصية معلمه ، فلن يحمل السيف الذي تود به

الأمراء الذين يثرون من مال الأمة.. ولكنه أيضا لن يسكت عنهم لحظة من نهار..

أجل اذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهاه عن حمل السيف في وجوههم ،

فانه لا ينهاه عن أن يحمل في الحق لسانه البتار .. ولسوف يفعل ..

ومضى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن بعده عصر أبي بكر ، وعصر عمر

رضي الله عنهما في تفوق كامل على مغريات الحياة ودواعي الفتنة فيها..

ولقد طال عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، فارضا على ولاة المسلمين وأمرائهم

وأغنيائهم في كل مكان من الأرض ، زهدا وتقشفا يكاد يكون فوق طاقة البشر..

ان واليا من ولاته في العراق ، أو في الشام ، أوفي صنعاء أو في أي من البلاد

النائية البعيدة ، لا يكاد يصل اليها نوعا من الحلوى ، لا يجد عامة الناس قدرة على

شرائه ، حتى يكون الخبر قد وصل الى عمر بعد أيام. وحتى تكون أوامره الصارمة

قد ذهبت لتستدعي ذلك الوالي الى المدينة ليلقى حسابه العسير ..

وما دام لا يضايق أبا ذر رضي الله عنه في حياته شيء مثلما يضايقه استغلال السلطة ،

واحتكار الثروة ، فان ابن الخطاب رضي الله عنه بمراقبته الصارمة للسلطة ، وتوزيعه

العادل للثروة سيتيح له الطمأنينة والرضا..

وهكذا تفرغ لعبادة ربه ، وللجهاد في سبيله.. غير لائذ بالصمت اذا رأى مخالفة هنا ، أو هناك.. وقلما كان يرى..

بيد أن أعظم ، وأعدل ، وأروع حكام البشرية قاطبة يرحل عن الدنيا ذات يوم ، تاركا

وراءه فراغا هائلا ، ومحدثا رحيله من ردود الفعل ما لا مفر منه ولا طاقة للناس به.

وتستمر الفتوح في مدها ، ويعلو معها مد الرغبات والتطلع الى مناعم الحياة وترفها.. ويرى أبو ذر رضي الله عنه الخطر ..

ان ألوية المجد الشخصي توشك أن تفتن الذين كل دورهم في الحياة أن يرفعوا راية الله..

ان الدنيا بزخرفها وغرورها الضاري ، توشك أن تفتن الذين كل رسالتهم أن يجعلوا منها مزرعة للأعمال الصالحات..

رأى أبو ذر رضي الله عنه كل هذا فلم يبحث عن واجبه ولا عن مسؤوليته..

بل راح يمد يمينه الى سيفه.. وهز به الهواء فمزقه ، ونهض قائما يواجه المجتمع

بسيفه الذي لم تعرف له كبوة.. لكن سرعان ما رن في فؤاده صدى الوصية التي

أوصاه بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأعاد السيف الى غمده ، فما ينبغي أن يرفعه في وجه مسلم..

لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوما وعلى ملأ من أصحابه ، 
أن الأرض لم تقل ،

وأن السماء لم تظل أصدق لهجة من أبي ذر..

ومن كان يملك هذا القدر من صدق اللهجة ، وصدق الاقتناع ، فما حاجته الى السيف..؟

ان كلمة واحدة يقولها ، لأمضى من ملء الأرض سيوفا ..

وخرج أبو ذر رضي الله عنه الى معاقل السلطة والثروة ، يغزوها بمعارضته معقلا معقلا..

وأصبح في أيام معدودات الراية التي التفت حولها الجماهير والكادحون ..

حتى في الأقطار النائية التي لم يره أهلها بعد.. طاره اليها ذكره.

وأصبح لا يمر بأرض ، بل ولا يبلغ اسمه قوما الا أثار تسؤلات هامة تهدد مصالح ذوي السلطة والثراء.

فقد جعل نشيده وهتافه الذي يردده في كل مكان وزمان .. ويردده الانس عنه كأنه نشيد.. هذه الكلمات :

)
بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة (

ولم يعد الانس يبصرونه قادما الا استقبلوه بهذه الكلمات :

"
بشر الكانزين بمكاو من نار"


لا حاجة لي في دنياكم


هكذا قال أبو ذر للخليفة عثمان رضي الله عنهما بعد أن وصل الى المدينة ،
وجرى بينهما حوار طويل.

لقد خرج عثمان رضي الله عنه من حواره مع صاحبه ، بقرار أن يحتفظ به الى جواره

في المدينة ، محددا بها اقامته ولقد عرض عثمان رضي الله عنه قراره على أبي ذر

رضي الله عنه عرضا رفيقا ، رقيقا ، فقال له :

(  ابق هنا يجانبي ، تغدو عليك القاح وتروح    ( 

وأجابه أبو ذر رضي الله عنه :

( لا حاجة لي في دنياكم   (

ولقد طلب من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يأذن له الخروج الى الربدة فأذن له..

ولقد ظل وهو في احتدام معارضته أمينا لله ورسوله ، حافظا في اعماق روحه النصيحة

التي وجهها اليه الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يحمل السيف..
لكأن الرسول صلى الله

عليه وسلم رأى الغيب كله .. غيب أبي ذر رضي الله عنه ومستقبله ، فأهدى اليه هذه النصيحة الغالية.

جاءه يوما وهو في الربدة وفد من الكوفة يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد الخليفة ، فزجرهم بكلمات حاسمة :

)
والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة ، أو جبل ، لسمعت ، وأطعت ، وصبرت واحتسبت ، ورأيت ذلك خيرا لي..

ولوسيرني ما بين الأفق الى الأفق ، لسمعت وأطعت ، وصبرت واحتسبت ، ورأيت ذلك خيرا لي..

ولو ردني الى منزلي ، لسمعت وأطعت ، وصبرت واحتسبت ، ورأيت ذلك خيرا لي (

و لقيه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يوما ، فلم يكد يراه حتى فتح له ذراعيه وهو يصيح من الفرح بلقائه :

)
مرحبا أبا ذر .. مرحبا بأخي (

ولكن أبا ذر رضي الله عنه دفعه عنه وهو يقول :

)
لست بأخيك ، انما كنت أخاك قبل أن تكون واليا وأميرا (

كذلك لقيه أبو هريرة رضي الله عنه يوما واحتضنه مرحبا، 
ولكن أبا ذر نحاه عنه بيده وقال له :

اليك عني .. ألست الذي وليت الامارة ، فتطاولت في البنيان ،
واتخذت لك ماشية وزرعا(

ومضى أبو هريرة رضي الله عنه يدافع عن نفسه ويبرئها من تلك الشائعات..

وقد يبدو أبو ذر رضي الله عنه مبالغا في موقفه من الجكم والثروة..

ولكن لأبي ذر رضي الله عنه منطقه الذي يشكله صدقه مع نفسه ، ومع ايمانه ، فأبو ذر رضي الله عنه يقف بأحلامه وأعماله..

بسلوكه ورؤاه ، عند المستوى الذي خلفه لهم رسول الله وصاحباه..

أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ..

عرضت عليه الامارة بالعراق فقال :

)
لا والله.. لن تميلوا علي بدنياكم أبدا (

ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله :

أليس لك ثوب غير هذا..؟ لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟

فأجابه أبو ذر رضي الله عنه :

)
يا بن أخي.. لقد أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني (

قال له : والله انك لمحتاج اليهما ..

فأجاب أبو ذر رضي الله عنه :

)
اللهم اغفر له.. انك لمعظم للدنيا ، ألست ترى علي هذه البردة ؟

ولي أخرى لصلاة الجمعة ، ولي عنزة أحلبها ، وأتان أركبها ، فأي نعمة أفضل ما نحن فيه(

وجلس يوما يحدث ويقول :

أوصاني خليلي بسبع..

أمرني بحب المساكين والدنو منهم..

وأمرني أن أنظر الى من هو دوني، ولاأنظر الى من هو فوقي..

وأمرني ألا أسأل أحد شيئا..

وأمرني أن أصل الرحم..

وأمرني أن أقول الحق وان كان مرا..

وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..

وأمرني أن أكثر من : لا حول ولا قوة الا بالله(

ولقد عاش هذه الوصية ، وصاغ حياته وفقها، حتى صار " ضميرا "
بين قومه وأمته..

ويقول الامام علي رضي الله عنه :

)
لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر)

عاش يناهض استغلال الحكم، واحتكار الثروة..

يمنعونه من الفتوى ، فيزداد صوته بها ارتفاعا ، ويقول لمانعيه :

)
والذي نفسي بيده ، لو وضعتم السيف فوق عنقي ، ثم ظننت أني منفذ
كلمة سمعتها من

رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها(   
مشهد الختام


ان هذه السيدة السمراء الضامرة ، الجالسة الى جواره تبكي ، هي زوجته..

وانه ليسألها : ( فيم البكاء والموت حق..؟ (

فتجيبه بأنها تبكي : لأنك تموت ، وليس عندي ثوب يسعك كفنا .

لا تبكي ، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 
ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول :

ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض ، تشهده عصابة من المؤمنين..

وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية ، ولم يبق منهم غيري ..

وهأنذا بالفلاة أموت ، فراقبي الطريق ، فستطلع علينا عصابة من المؤمنين ، فاني والله ما كذبت ولا كذبت(

وفاضت روحه الى الله..ولقد صدق..

فهذه القافلة التي تغذ السير في الصحراء ، تؤلف جماعة من المؤمنين ،
وعلى رأسهم

عبدالله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وان ابن مسعود رضي الله عنه ليبصر المشهد قبل أن يبلغه مشهد جسد ممتد يبدو كأنه

جثمان ميت ، والى جواره سيدة وغلام يبكيان..

ويلوي زمام دابته والركب معه صوب المشهد ، ولا يكاد يلقي نظرة على الجثمان ، حتى

تقع عيناه على وجه صاحبه وأخيه في الله والاسلام أبي ذر رضي الله عنه .

وتفيض عيناه بالدمع ، ويقف على جثمانه الطاهر يقول :

( صدق رسول الله نمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك)

ويجلس ابن مسعود رضي الله عنه لصحبه تفسير تلك العبارة التي نعاه بها :

( تمشي وحدك.. وتموت حدك.. وتبعث وحدك  )

كان ذلك في غزوة تبوك سنة تسع من الهجرة، وقد أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ

لملاقاة الروم ، الذين شرعوا يكيدون للاسلام ويأتمرون به.

وكانت الأيام التي دعى فيها الناس للجهاد أيام عسر وقيظ.. وكانت الشقة بعيدة.. والعدو مخيفا..

ولقد تقاعس عن الخروج نفر من المسلمين ، تعللوا بشتى المعاذير..

وخرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه..
وكلما أمعنوا في السير ازدادوا جهدا

ومشقة ، فجعل الرجل يتخلف ، ويقولون يا رسول الله تخلف فلان، فيقول :

"
دعوه فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه "

وتلفت القوم ذات مرة ، فلم يجدوا أبا ذر.. وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام :

لقد تخلف أبو ذر ، وأبطأ به بعيره..

وأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم مقالته الأولى ..

كان بعير أبي ذر رضي الله عنه قد ضعف تحت وطأة الجوع والظمأ والحر وتعثرت من الاعياء خطاه..

وحاول أبو ذر رضي الله عنه أن يدفعه للسير الحثيث بكل حيلة وجهد ، ولكن الاعياء كان يلقي ثقله على البعير..

ورأى أبو ذر رضي الله عنه أنه بهذا سيتخلف عن المسلمين وينقطع دونهم الأثر ،

فنزل من فوق ظهر البعير ، وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه ،

مهرولا ، وسط صحراء ملتهبة ، ليدرك رسوله عليه السلام وصحبه..

وفي الغداة ، وقد وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا ، بصر أحدهم فرأى سحابة من

النقع والغبار تخفي وراءها شبح رجل يغذ السير..

وقال الذي رأى : يا رسول الله ، هذا رجل يمشي على الطريق وحده.. 
 وقال الرسول عليه الصلاة والسلام :

" كن أبا ذر "


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أصرخ في وجه التاريخ الأعرابي المجرم ... ؟؟
يا محكمة التاريخ أين الحرية .. وأين قضاء الحرية .. ؟؟ 
وأين الحق الالهي لأبي ذر الغفاري  عليه السلام
نريدها محكمة في الأرض ...  كل الأرض تنصف المظلومين ..
 كل المظلومين ..
المهدي الموعود عليه السلام لها .. المهدي الموعود عليه السلام لها ..
وليس لها من دون الله كاشفة .. !!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعادوا لما كانوا فيه من حديث ، ريثما يقطع القادم المسافة التي تفصله عنهم ، وعندها يعرفون من هو ..

وأخذ المسافر الجليل يقترب منهم رويدا .. يقتلع خطاه من الرمل المتلظي اقتلاعا ،

وحمله فوق ظهره بتؤدة.. ولكنه مغتبط فرحان لأنه أردك القافلة المباركة ، ولم يتخلف عن رسول الله واخوانه المجاهدين..

وحين بلغ أول القافلة ، صاح صائهحم : يارسول الله : انه والله أبا ذر.. 
وسار أبو ذر صوب الرسول.

ولم يكد صلى الله عليه وسلم يراه حتى تألقت على وجهه ابتسامة حانية واسية ، وقال :

"
يرحم الله أبا ذر .. يمشي وحده .. ويموت وحده .. ويبعث وحده "

وبعد مضي عشرين عاما على هذا اليوم أو تزيد ، مات أبو ذر
رضي الله عنه وحيدا ، في فلاة الربدة..

بعد أن سار حياته كلها وحيدا على طريق لم يتألق فوقه سواه..
ولقد بعث في التاريخ

وحيدا في عظمة زهده ، وبطولة صموده..

ولسوف يبعث عند الله وحيدا كذلك ، لأن زحام فضائله المتعددة ،
لن يترك بجانبه مكانا لأحد سواه..
-





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق